كتاب السلطان حسين كامل فترة مظلمة فى تاريخ مصر
جاليرى الكتب
ملف
كتب الملوك : مصر
السلطان حسين كامل
فترة مظلمة فى تاريخ
مصر
تأليف : محمد سيد
كيلانى
الناشر : دار
الفرجانى
سنة الإصدار مصر
الجديدة 1985
ارخت فى هذا الكتاب
لفترة مظلمة فى تاريخ مصر هى عصر السلطان حسين كامل من الناحية السياسية والحربية
الاجتماعية والاقتصادية والفكرية والادبية.
انه اول كتاب يظهر فى
هذا الموضوع حوى بحثا شاملا وصورة واضحة المعالم لتلك الاعوام المشئومة اما الذين
تناولوا هذا العصر من قبل فإنهم لم يعنوا بغير الناحية السياسية ومع ذلك فلم
يوفوها حقها بل الموا بها الماما موجزا. ومنهم من تأثر بالظروف التى كانت عليها
البلاد حينما كتب فراعى خواطر الحكام ومنهم من تأثرت بنزعات حزبية افسدت عليه
دارسته وخرجت به عن طرق الحق.
اما انا فكتبت فى
ظروف تختلف عن ظروف هؤلاء الكتاب مراعيا ما يتفق مع استقامة الذمة وسلامة الضمير.
ولا يخفى ان المؤرخ
كالقاضى يجب ان يكون منزها عن الهوى مجردا عن الغرض بعيدا عن التحيز وقد اجتهدت ان
اكون كذلك وبذلت ما فى وسعى باحثا مستقصيا فاحصا منقبا سائلا بعض من عاصروا تلك
الاحداث محففا مدققا لم الق الكلام على عواهنه او اصدر الاحكام جزافا وانما سردت
الادلة والبراهين التى تدين او تبرئ ثم اتبعتها بإصدار الحكم ذكرت الحسنات بجانب
السيئات والخير وما صحبه من شر والمنافع والمضار والارباح والخسائر مستهدفا
الحقائق لذاتها وهكذا ينبغى ان يكتب التاريخ فإن آنس القارئ منى قصيرا او إهمالا
أو اخلالا بصفات القاضى النزية فأرجو ان يلتمس لى العذر لانى لا ادعى العصمة
لنفسى.
لم يكتف السلطان حسين
وحكومته بالموافقة على الحماية بل جعل من نفسه مروجا لقبولها وداعية للرضى بها
واخذ يكيل المدح للدولة الحامية بغير حساب ووصف الإنجليز بأنهم بركة مصر وسبب
سعادتها ورخائها وقال ان مصر مدينة لهم بالشئ الكثير . وكذلك فعل رئيس وزرائه حسين
رشدى فى تصريحات كثيرة يراها القارئ فى ثنايا هذا الكتاب وهذه التصريحات الصادرة
من السلطان ورئيس وزرائه قد شجعت المحتلين على الإمعان فى الطغيان دون ان يعرفوا
حدا يقفون عنده وجعلتهم يستخفون بالسلطان وحكومته استخفافا كبيرا ويعاملونهما معاملة
تنطوى على الزراية واعتقدوا ان الشعب استسلم لهم ولان وذل لجبروتهم واستكان.
وكانت موجة الإرهاب
مع ما صاحبها من مظاهر النفاق والرياء التى اشاعها اعوان الاحتلال من رجال السياسة
والدين والادب قد عقدت سحبا كثيفة فى سماء مصر فلم يبصر الإنجليز الحقائق على علاتها
ولم يتبينوا الامور على طبيعتها واستمروا سادرين فى طغيانهم حتى فاجأتهم ثورة سنة
1919.
ويتكلم الباب الاول
من هذا الكتاب لدراسة الاحوال السياسية منذ نهاية حكم الخديوى عباس الى نهاية حكم
السلطان حسين والممت الماما تاما بالمجهود العظيم الذى بذلته الامة فى ميادين
القتال والتضحيات الجسيمة التى تحملها الشعب دفاعا عن البلاد ولا شك فى ان النصر
الذى احرز على حدود مصر وفى السودان يرجع الفضل الى الشعب الذى اعتصم بالهدوء
والسكينة والى الجيش المصرى الذى حارب ببسالة فى جميع الميادين و قام بواجبه خير
قيام.
ودرس
الباب الثانى الحالة الاجتماعية وما جد من صور لم تكن معروفة من قبل صور تولدت مع
الحرب وصاحبتها الى نهايتها فترى الفقر وما سببه من موجات اجرامية عنيفة كالسرقة
والاحتيال والخطف وقطع الطريق والتزييف والغش والرشوة والاتجار فى الاعراض وعجز
الاداة الحكومية عن مكافحة الجرائم وما اوقعه رجال الإدارة على الابرياء من تعذيب
وتنكيل وما كان يلجأ اليه المجرمون من حيل للإفلات من العقاب وانتهاز بعض الناس
الفرص للكسب الحرام عن طريق رفع الاسعار والتلاعب بأقوات الشعب واستغلال الاجانب
للامتيازات استغلالا قبيحا اضر بالبلاد اجتماعيا واقتصاديا.
ويسهب
الباب الثالث للكلام الثالث للكلام على الحالة الاقتصادية وما بلغته من سوء.
وانتشار الافكار الاشتراكية وما احدثه قيام الثورة الشيوعية فى روسيا من اثر فى
بعض الاوساط المصرية ورواج الدعوى الى التعاون والى الاستقلال الاقتصادى وبينت اثر
ذلك فى قيام ثورة سنة 1919.
وفى
الباب الرابع الحالة الفكرية والتيارات العقلية المختلفة التى ظهرت فى خلال تلك
المدة.
فى
الباب الخامس الحالة الادبية ولم يكن
الادب السياسى معبرا عن رأى الشعب بل ان مصادما للشعور الوطنى لقد وضع الشعراء
انفسهم فى خدمة السياسة البريطانية واخذوا يمدحون الانجليز وينسبون اليهم كل منقبة
متجاهلين المصائب التى انزلها هؤلاء بابناء وطنهم.
فهم
– والحالة هذه – قد انفصلوا عن الشعب
اما
ادب الحرب فقد كثر وظهر كأنه فن جديد لم يعرف من قبل وذلك لان الحرب كانت جديدة فى
شكلها فريدة فى لونها حشدت فيها ملايين الجنود واستخدمت اسلحة لم يسبق لها مثيل فى
قوة الفتك والتدمير حتى حيل للعامة انها من عمل الجن وانتشر الرعب فى كل مكان وساد
الخوف والهلع وقد صور الشعراء هذا كله فى شعر جميل رائع ونظر بعضهم الى تقدم العلم
نظرة مقرونة بالتشاؤم ودافع بعضهم عن العلم والقى التبعة على الإنسان الذى اساء
استخدام العلم وسخره لشقاء الإنسانية بدلا من ان يسخره لسعادتها.
هذا
النوع من الأدب قام بوظيفته خير قيام فصور احوال العمال المتعطلين وما تعرضوا له
من الذل والمهانة والموت جوعا وكان يجمع بين هذا وبين الدعوة الى الثورة فى وجه
الاغنياء فهو ادب سخط وثورة واحيانا نرى الشعراء يمزجون الشكوى من الفقر بالتهكم
والسخرية ولا شك فى ان رواج هذا اللون من الادب كان عالما من عوامل قيام ثورة سنة
1919 بل انه كان عاملا فى نشر الدعوة الشيوعية فى بعض الاوساط وقد تناول الادب
الاجتماعى الاحداث الاجتماعية التى وقعت فى خلال تلك الفترة كانتشار الدعارة
والتبرج والرشوة وطغيان رجال الإدارة واغنياء الحرب وغير ذلك.
وشارك
الزجالون فى هذه الابواب كلها ونظموا الزجل فى الشئون السياسية والحربية
والاجتماعية.
ودرست
الادب التمثيلى وما ظهر فيه من الوان الخلاعة والمجون واشرت الى ما حد من مسارح
وما وقع بين الممثلين من تنافس.
وقد
رجعت فيما رجعت اليه من مصادر الى كتاب "محمد فريد" لعبد الرحمن الرافعى
فإذا هو يدرس محمد فريد من زاويته هو التى يرى بها الحوادث اى بصفته عضوا فى الحزب
الوطنى مما ترتب عليه اهمال وتقصير ومغالطة وتزييف لبعض الحقائق التاريخية وتجاهل
لبعضها الآخر مثال ذلك :
1- جاء
فى صحيفة 385 من الطبعة الثالثة فى حديثه عن الجمعية التشريعية "صرفت معظم
وقتها فى مناقشات طويلة عميقة للبحث عمن هو أحق من بين وكيلى الجميعة برئاسة
الجلسات عند غياب رئيسها : هل هو الوكيل المعين عدلى باشا ؟ ام الوكيل المنتخب سعد
زغلول باشا فكأن جوهر القضية المصرية هو
فى تعرف اى الوكيلين احق برئاسة الجلسات عند غياب الرئيس وهكذا كانت الرئاسة وما
اليها هى الشغل الشاغل لكبراء البلاد فى كل زمان.
فهو
فى هذه النقطة لم يكن دقيقا ولا منصفا فلكونه من الحزب الوطنى لم يشأ ان ينصف سعد
زغلول فى موقف من اشرف المواقف ان النزاع دار حول مبدأ دستورى وكان من المفيد ان
ترسى القواعد الدستورية على اسس واضحة صحيحة وقد اراد سعد ان يكسب للامة هذا الحق
الدستورى وايدته غالبيه الاعضاء وكان الإنجليز من ناحية اخرى يريدون ان تكون
الرئاسة على طول الخلط لموظف حكومى ان لم يكن للرئيس فللوكيل المعين ولما انسحب
الاعضاء احتجاجا على قفل باب المناقشة انبرت صحيفة "التيمز" لسان حال
الحكومة البريطانية فى ذلك الوقت وحملت عليهم حملة شعواء وهددت بأنه فى حالة تكرار
مثل هذه الأمور فإن الجمعية تحل الى اجل غير مسمى. فلو لم تكن هذه النقطة مهمة فى
نظر الإنجليز لما تناولتها صحيفة التيمز فى مقال طويل وقد ذكرت صحيفة الوطن فى
23-7-1914 تحت عنوان "اللورد كتشنر" لما نقل" ما نصه ذكرت احدى
الصحف الانجليزية الكبرى ان اللورد كتشنر اتراه الضجر والملل مما يراه من اعمال
الجمعية التشريعية المصرية وقد غلبته السآمة فهو لا يريد العودة الى منصبه
هنا".
ولو
كانت الجمعية التشريعية بالصفة التى ذكرها الرافعى لما عارض الانجليز فى عقدها
طوال مدة الحرب ان التعصب الحزبى هو الذى دفع الرافعى الى ان يقول ما قال من السخف
والهراء.
2-
لم يتعرض الرافعى لموضوع اجتماع اللجنة
الإدارية للحزب الوطنى سنة 1912 وانقسام اعضائها الى فريقين انصار الخديوى الذين
طالبوا باقالة محمد فريد والفريق الآخر المتمسك بزعامته ولم يذكر ان محمد فريد لما
علم بها الانقسام بادر فارسل برقية اعلن فيها استقالته من رياسة الحزب نظرا لاضطراره
الى البقاء فى الخارج.
3-
تكلم فى صحيفة 409 عن موضوع سكة حديد
مريوط فقال "جاءت حادثة سكة حديد مريوط سببا لزيادة حنقه – يعنى الخديوى – وخلاصتها ان الخديوى كان يملك هذه السكة اذ
انشأها بماله ولما لم تأت بالربح الذى كان ينتظره شرع فى بيعها الى شركه ايطالية
فاعترض كتشنر على هذا البيع. فعرض الخديوى ان تشتريها الحكومة المصرية. وانتهت
المفاوضات فى فبراير سنة 1914 ببيعها الى الحكومة مقابل 390 الف جنية فعدها
الخديوى صفقة خاسرة واخذ على سعيد باشا انه نفذ فيها اوامر اللورد كتشنر فزاد حنقه
عليه"
لم
يوضح عبد الرحمن الرافعى هذه النقطة بل اجملها بحيث ظهر الخديوى فى صورة المغبون
فى هذه الصفقة.
ليست هناك تعليقات