فضل طلب العلم وآدابه
مقدمة
الحمد لله والصلاة السلام على خير الأنام
فضل طلب العلم وآدابه :-
لاشـك أن قضية فضل طلب العلم وأدبه قضية مطروحة بإلحاح في المجتمعات العربية،ففي عـالم اليوم ، الـذي تكـتظ سـاحة الحيـاة فيه بمعطيات العلوم الحديثة وتطبيقـاتها في كـل مجال وعلي كل الجبهات ، أصبح من اللازم على الإنسان العادي أن يسعى لطلب العلم وأن يتحلى بالآداب الإسلامية في ذلك . و لقد استطاعت العلوم الحديثة أن تنقل الإنسان مـن حياة محدودة الوسائل المـادية والإمكانات الحياتية إلي آفاق باهرة ومتجددة من الرغد والرفاهية والتحكم في بيئته وغذائه و صناعاته وزراعته و تنقلاته و نمـط حياته ومنهج عمله ، فصار – غدواً وروحاً- يخضع لآثارها و معطياتها مما جعل هــذه العلوم عنصـرا ريادياً مهيمنا على الفـكر الإنسـاني المعـا صر بمضامـينه ، ونـتائجه وتفاعلاته .
علم العليم
وعقل العاقل اختلفا من ذا الذي منهما قد
أحرز الشرفا
فقال العلم أنا أحرزت غايته وقـال العقل أنا الرحمن بي عرفا
فأفصبح العلم إفصاحاً وقـال بأينا الرحمن في قرآنه اتصفــا
فبان للعقل أن العلم سيده فقبل العقل رأس العلم وانصــرفا
* فمن آداب المتعلم :
أولاً : طهارة النفس من
رذائل الأخلاق ومذموم الأوصاف ؛ لأن العلم عبادة القلب ، فكما لا تصح الصلاة إلا
بتطهير الظاهر ، فكذلك لا تصح عبادة الباطن وعمارة القلب إلا بعد طهارته من خبائث
الأخلاق .
وسأضرب مثالاً قريباً من ذلك ، كلنا يعرف الإمام الشافعي _ رضي الله عنه _ صاحب المذهب المشهور ، فقد كان _ رضي الله عنه _ معروفاً بشدة ذكائه وحفظه الشديد ، فكان يحفظ الصفحة بمجرد وقوع بصره عليها وذات مرة أراد الحفظ فخانته ذاكرته ، فلم يعرف السبب وهنا ذهب إلى شيخه وأستاذه وشكى له حاله ،فأعلمه شيخه بأنه لا بد وأنه قد وقع في معصية من المعاصي ، وطلب منه أن يستغفر الله ، وأخبره بأن هذا العلم نور من الله عز وجل ،فإذا عصى العبد ربه رفع ذاك النور فنظم الإمام الشافعي ذلك بقوله :
شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نور ونور الله لا يهدى لعاصي
ثانيـاً : أن يجعل المتعلم ( العلم ) همه الأول والآخر ، وشغله الشاغل ، قال تعالى : } ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه {
ثالثـاً : أن لا يتكبر المتعلم على العلم ولا يتأمر على المعلم ، بل يلقي إليه زمام أمره بالكلية ويذعن لنصيحته إذعان المريض الجاهل للطبيب المشفق الحاذق
رابعـاً : أن يتأدب المتعلم مع معلمه فلا يكلفه شططاً بأن يبحث عن الأسئلة المحرجة ، فعليك أن تسأل عما ينفعك
خامسـاً : أن لا يدع الطالب فناً من العلوم
المحمودة ولا نوعاً من أنواعه إلا وينظر فيه نظراً يطلع به على مقصده وغاياته ، ثم
إن ساعده العمر طلب التبحر فيه ، و إلا اشتغل بالأهم منه واستوفاه ، فإن العلوم
متعاونة وبعضها مرتبط ببعض .
سادسـاً : ومن آداب المتعلم أن يكون قصده كما
قلنا وجه الله ، فلا يقصد به مالاً أو جاهاً أو
مماراة للسفهاء أو مباهاة للآخرين ، فمن قصد وجه الله رفعه الله ونفعه
.
والحمد لله رب العالمين ، وصلاة وسلاماً
على أمير الأنبياء
وسيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، اللهم لا سهل إلا ما جعلته
سهلاً وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً سهل لنا أمورنا وتوفنا مسلمين يا رب العالمين
، اللهم انفعنا بما علمتنا وزدنا علماً وعملاً وفقهاً في الدين برحمتك يا أرحم
الراحمين
ليست هناك تعليقات