كتاب وليمة لأعشاب البحر
جاليرى الكتب
ملف
كتب
الازمة
وليمة
لأعشاب البحر
تأليف
: حيدر حيدر
الناشر
: طبعة خاصة على نفقة المؤلف 1983
الطبعة
الثانية الهيئة العامة لقصور الثقافة . سلسلة آفاق الكتابة.
عنوان
الكتاب : رواية "وليمة لأعشاب البحر"
المؤلف
: الروائى السورى حيدر حيدر
الناشر
: الطبعة الاولى .. طبعة خاصة على نفقة المؤلف 1983 الطبعة الثانية الهيئة العامة
لقصور الثقافة سلسلة آفاق الكتابة يناير
2000
تقدم
رواية وليمة لاعشاب البحر رؤية مركبة للواقع السياسى المتحرك للتيارات التى نشطت
فى الوطن العربى فى النصف الثانى من القرن العشرين وتبرز المشاهد الاستهلالية
للرواية الروح التى تسيطر على اتجاه المعنى فيها حيث تصور وداع مهدى جواد – الشخصية المحورية للعراق قبل رحيله الى
الجزائر و تركز الرواية على تأكيد شيوعية جواد رغم انه من سلالة الحسين بن على
وعبر رحلته من العراق الى الجزائر تقدم الرواية تجربة واسعة لعراقيين يعتنقان
الفكر الشيوعى ويقاومان مع كثير من عامة الشعب العراقى الحكم العسكرى القائم على
العنف والمطاردة والقتل والتعذيب والمحاكمات الصورية ايام حكم الانقلاب العسكرى
المعروف وحين لا يجدان بعد المطاردة والتعذيب والسجن منجاة من الموت الا الهجرة
الى بلد عربى يتوسمان فيه الامان والترحيب يهاجران الى الجزائر بعد نجاج ثورتها فى
طرد المستعمر الفرنسى وكان العراقيان مهدى جواد ومهيار الباهلى يأملان ان يجدا
شيئا من الطمأنينه والاستقرار ولكنهما عانيا من المرحلة الانتقالية للسلطة فى
الجزائر وشعور عامة الشعب بان السياسيين الانتهازيين قد جنوا ثمار ثورتهم التى ضحى
الاف الشهداء بأرواحهم فى سبيلها وهكذا تحول العذاب الجسدى والنفسى الذى لقياه فى
العراق الى قلق دائم واحساس بالغربة والعجز عن التواصل مع ابناء مهجرهم الا من
خلال علاقات عاطفية شخصية محددة. وتبدو طبيعة الشخصيات التى تتحرك فى ادوات
الرواية على قدر كبير من القلق والتوتر العصبى يجعل احاديثها احيانا تبدو متجاوزة
للمألوف الدينى والسياسى ومغلفة بالمرارة والحدة تجاه مواقف خاصة بالفرآن والرسول
والساسة العرب - الامراء تحديدا.
بدأت
ازمة "وليمة لاعشاب البحر" باعتراض عابر على بعض المقتطفات من الرواية
فى مقال للروائى النوبى حسن نور بجريدة "الاسبوع" القاهرية عقب صدور
الطبعة المصرية للرواية وبعد 18 عاما من صدورها لاول مرة اعترض فيه على المساس
بالدين والطعن فى الحكام العرب وتشويه الثورة الجزائرية واعقب المقال ردود محدودة
من الروائيين خيرى شلبى وجمال الغيطانى فى نفس الجريدة حذرا فيه من العبث فى النص
الروائى وقراءته من منطلق دينى وانتقل الصراع اول شهر مايو الى صفحات جريدة الشعب
التى بدأت تنظيم حملة الهجوم على وزارة الثقافة واتهامها بالتكفير على يد الروائى
السابق د. محمد عباس طبيب اشعة وبدأ اللعب على اوتار الدين والاخلاق العامة لتحقيق
مكاسب سياسية تحولت سريعا الى صراع بين الدولة والتيار الاسلامى وهكذا تحولت رواية
الوليمة الى مادة الصراع السياسى فصارعت اجهزة الأمن بمصادرة الموجود من نسخ
الرواية واعد تقارير عنها ومن ناحية اخرى تقدمت مجموعة من المحامين المعروفين
بقربهم من الجماعات الاسلامية باربعة بلاغات الى النائب العام تطالب بمحاكمة
المسئولين عن نشر الرواية وبدأت حملات على منابر المساجد ضد الرواية والوزارة
اثمرت عن مظاهرات دامية داخل المدينة الجامعية لجامعة الازهر واضطرت وزارة الثقافة
لتشكيل لجنة مهمتها دراسة الرواية وكتابة تحليل مفصل عن ملابسات وظروف نشرها ومدى
ما تضمنته من اجتراء على الدين وكتابة تقرير نهائى عنها صدر بالفعل اكد ان الرواية
بريئة مما نسب اليها.
تصاعدت
الاحداث مع صدور بيان مجمع البحوث الاسلامية موقعا باسم فضيلة شيخ الازهر وادان
البيان الرواية واعتبرها كافرة لان بها فقرات تستهزئ بذات الله .. مثل وصفه بأنه
فنان فاشل وتفترى على الرسول بأنه تزوج لاكثر من عشرين وعرفت القرآن واكد التقرير
ان الرواية تحرض على الخروج عن الشريعة الاسلامية وخرجت عن الآدب العامة - خروجا فادحا
- بالدعوة الى الجنس غير المشروع وادان التقرير تولى وزارة الثقافة نشر هذه
الرواية
17/5/2000
تسبب
تقرير المجمع فى صدور قرار النائب العام بفتح التحقيق مع ابراهيم اصلان وحمدى ابو
جليل اعضاء هيئة تحرير سلسلة آفاق الكتابة بتهمة "ازدراء الأديان والترويج
لافكار تتنافى مع الآدب العامة باموال الدولة.
وتوالت
ردود فعل المثقفين على ما أسموه قمع حرية التعبير
د.
فوزى فهمى مقرر لجنة الثقافة بالحزب لعبة رواية وليمة لاعشاب البحر لعبة قديمة
وآلياتها متكررة والكفر كان ومازال شركا من الشراك التى تنصب من اجل خصومة سياسية
او دينية او ادبية والضجة التى مارست الاستخدام السياسى لرواية ادبية من خلال
توظيف الهجوم على عقيدة مبدعها وناشرها استهدفت توليد انفعال يحرض المجتمع على
سلطاته.
الاهرام
29/5/2000
جابر
عصفور
تعاظم
الضغط على الازهر ومن ثم دفع دفعا الى الانغماس فى تيار التكفير الذى لم يبدأ من
داخل الأزهر لحسن الحظ وانما فرض عليه من الخارج حيث جماعات التطرف وقوى الضغط
السياسى التى تتخذ من الاسلام شعارا لها.
الحياة
25/5/2000
د.
عاطف عبيد رئيس الوزراء
الحكومة
تعاملت مع ازمة الوليمة بحسابات خاصة للحفاظ على امن واستقرار البلاد والحفاظ على
طلاب الازهر.
الوفد
21/5/2000
واصدرت
اللجنة التحضيرية لتجمع المثقفين المستقلين فى مصر بيانا وقعه 1000 مثقف طالبوا
فيه الكتاب الاسلاميين بالانشغال بالقضايا الملحة للبلاد مثل حزب الله والتوقف عن
قمع حريه التعبير.
اخبار
الادب 7/5/2000
وتقدم
الموقعون على البيان الى النائب العام للإبلاغ عن انفسهم كمشاركين فى اختيار وطبع
ونشر الرواية ومتضامنين مع هيئة التحرير فى المسئولية الجنائية طبقا لاحكام البند
الاول من المادة 40 من قانون العقوبات.
20
مايو 2000
د.
عبد القادر القط
رواية
وليمة لاعشاب البحر لحيدر حيدر سياسية بالمقام الاول ولا يتمثل الدين فيها الا فى
اشارات ومفردات ترد اثناء الحوار وبالطبع لا احد يقر الهجوم على الدين ولكن يجب
الا نحمل بعض العبارات اكثر مما تحتمل فالادب العربى القديم ملئ بعبارات تفوق ما
ورد فى الرواية ولكنهم كانوا اكثر قوة وتسامحا
المصور
26/5/2000
تحت
عنوان .. لا لمحاكم التفتيش
اصدر
حيدر حيدر نفسه بيانا قال فيه :"نحن نعرف ديننا وتراثنا ونعرف تاريخنا
واسلافنا ولسنا بحاجة الى فقهاء ومتعصبين ودعاة يرشدونا الى الصراط لكنا نعرف ايضا
مواطن الخلل والتأويل الجاهلى وكهوف الظلام التى يستودع فيها الإعلام السياسى
المغلق الاحتكارى لفئة تتاجر بالإسلام وترشق التهم لمن لا ينتمى لقبيلتها العصبية.
اخبارا
لادب 7/5/2000
بلاغ أبو شادى وأصلان
إلى النائب العام
ما نشره عباس تحريض
سافر على القتل
حملة الافتراء
والتكفير تهدد حياتنا الخاصة وسلام المجتمع
تقدم امير سالم المحامى وكيلا عن الناقد على ابو شادى رئيس
هيئة قصور الثقافة والروائى ابراهيم اصلان رئيس تحرير سلسلة "افاق
الكتابة" ببلاغ الى النائب العام جاء فيه.
السيد
الاستاذ المستشار النائب العام
تحية
طيبة وبعد
مقدمه
لسيادتكم : امير حمدى سالم المحامى بصفته وكيلا عن السادة / على محمد على شادى
وابراهيم اصلان ضد جريدة الشعب الصادرة عن حزب العمل والكاتب د. محمد عباس
بشأن
التحريض العلنى على القتل فى المقال المنشور بتاريخ 28/4/2000
نتشرف
بعرض الآتى :
نشرت
جريدة الشعب مقالا مطولا للكاتب محمد عباس وذلك يوم الجمعة الموافق 28 ابريل 2000
بالعدد 1460 واتسمت العناونين والكلمات بلغة تحريضية نارية تستنجد بالمسلمين فى كل
بقاع الارض لحماية القرآن والرسول (صلى الله عليه وسلم)
وتدعى
ان وزارة الثقافة نشرت عامدة متعمدة كتابا داعرا فاسقا فاجرا كافرا و"ان
الوزارة التى سمحت لمثل هذا الكتاب ان يصدر لابد ان تنسف نسفا بكل هيئاتها
ومؤسساتها"
وان
الهيئة التى نشرت هذا الكتاب "لابد ان تكون فاسقة داعرة كافرة تحت رئاسة
مسئول لابد ان يكون داعرا فاسقا كافرا"
وقد
رأى كاتب المقال ان "وزارة الثقافة هى الشيطان فى بلد الازهر وصلاح
الدين" وان ما تم نشره هو "دنس لا يمحو عاره وذنبه عنا إلا ان نموت
شهداء ونحن نزيله نموت شهداء مدركين ان استشهادنا ذلك لا يمنحنا الحسنات بل يمحو
عنا بعض السيئات اقصى امالنا بالاستشهاد ان يعفو الله عنا والا يسالنا يوم القيامة
لماذا انتظرنا قبل ان نستشهد"
ثم
ينتقل الكاتب الى إعلان عنوان الهيئة العامة لقصور الثقافة وتليفوناتها وفاكسها
واسم المطبعة التى طبعت الكتاب واسمائنا كموظفين بوازرة الثقافة قمنا عمدا
باعتبارنا فجارا وفاسقين وكفرة بنشر الدنس والكفر والعار ، والذى يجب ان ينسف نسفا
بعد ان سبق للكاتب فى موضع آخر ان طالب من الشيخ يوسف القرضاوى بإصدار فتوى
بشأننا، وفى موضع اخر لاننا عمدنا الى نشر الإباحية والسفالة والشذوذ وقتل روح
الامة.
بل
ويعلن ان "كل الكوارث التى قادتنا اليها وزارة الثقافة وكل الفضائح حلقات فى
سلسلة التكفير والتعهير يا امة"
لقد
ناشد الكاتب محمد عباس فى جريدة الشعب كل مواطن فى مصر والعالم الاسلامى ان يهب
للدفاع عن القرآن"
وكأننا
نحن العاملين بالهيئة العامة بقصور الثقافة الكفرة الذين يعملون على نشر الكفر
ولابد لكل مسلم يملك ذرة ايمان ان ينتقم منا محوا لهذا الدنس والعار.
وفى
تهييج واضح وتحريض فاضح "النجدة النجدة الغوث والغوث فإنه القرآن"
السيد
النائب العام
لقد
عانى هذا الوطن من سوابق مماثلة فى الادعاءات الكاذبة والتزييف الفاضح الذى يستخدم
الدين فى لعبة السياسة لقد عانينا من الموتورين سياسيا والذين ادعوا مرارا ان
الإسلام فى خطر وان القرآن والرسول يتعرضان للهجوم وان الذين يعرضون بالاسلام
والقرآن الكريم والرسول (صلى الله عليه وسلم) خاصة هم الكتاب والمفكرون والمبدعون
المصريون وكانت ثمار هذا التحريض وتلك المقالات التى تعمل على تهييج الناس
والفتاوى باسم الدين هى قتل المفكر المصرى فرج فودة ومحاولة اغتيال كاتب مصر
العظيم نجيب محفوظ وعدد من الوزراء المصريين.
إن لغة المقال والعناوين التى تستغيث بكل مسلم للدفاع عن
القرآن والرسول وتعلن تكفيرنا وفسوقنا وفجورنا وتبلغ للقاصى والدانى عنوان عملنا
فى الهيئة التى لابد ان تنسف نسفا واننا لا نعمل فى اماكن عملنا ووظائفنا الإ
مستهدفين الاسلام والقرآن واسماؤنا نشرت باعتبارها قائمة العار الدنسة طبقا لنص ما
ورد بالمقال.
السيد
النائب العام.
نتقدم
لسيادتكم بهذا البلاغ لانه لم يعد مقبولا استمرار تخريب المجتمع المصرى وتخريب
كافة مكتسباته الفكرية والثقافية والذى بلغ حد تشويه الوعى والعقل المصرى ولم يعد
مقبولا الاستسلام لمخطط تقسيم الوطن والناس وتكفيرهم بسبب الدين او الرأى او
الابداع والتحكم فى ذلك بالاعتداء على حق الحياة وتهديد الناس فى حياتهم.
لقد
اصبح واضحا ان الارهاب الفكرى والاشاعات الكاذبة والمغرضة وتحريض المسلمين ان
يهبوا للدفاع عن الله والاسلام والرسول (صلى الله صلى عليه وسلم) مقدمة ونتيجة
للعنف والتطرف واصبح اصطياد الرموز الفكرية والثقافية بل ووزارة الثقافة ككل بكل
العاملين فيها والتهديد علنا باغتيالهم ماديا واعتباريا امرا لا نجده فى منشورات
سرية لجماعات متطرفة بل يتم ذلك علانية عبر مؤسسة صحفية لحزب علنى تخضع للدستور
والقانون الذى يحكمنا جميعا.
السيد
النائب العام
لقد
بدأ التحريض على القتل فى كل مرة بذات الوسيلة ولقد بدأت احداث الفتنة الطائفية
التى اريقت فيها دماء المصريين مسلمين ومسيحيين بذات الطريقة من احداث الخانكة
وحتى مذبحة قرية الكشح باشاعة كاذبة او خطبة منبرية ملتهبة او مقال من ذات نوع
المقال المذكور بجريدة الشعب يناشد طرفا من اطراف الامة ان يهب للدفاع عن دينه
ومقدساته.
وفى
صورة وضيعة وحقيرة صاغتها ايدى هذا الكاتب مدعى الدفاع عن الاسلام وبطريقة مخجلة
ومقززة لو قرأها اجنبى عن البلاد او اجنبى عن الاسلام والمسلمين لمثلت إهانة فادحة
للمصريين والمسلمين. ان الكاتب محمد عباس يصرخ على صفحات جريدة الشعب التى توزع فى
مصر والخارج ولا نعرف حقا كيف طاوعه قلمه عليها-يصرخ على مفتى الديار المصرية مفتى
بلد الازهر الشريف"استقل" وليأتوا ان اصروا على الكفر والفسوق والعصيان
بحاخام من اليهود وليصدر القرار –
لا من اعلى بل من اسفل سافلين –
بان يحل مكانك مفتى للمسلمين .. فذلك افضل من ان تختلط الأمور "
ونتساءل من الذى يصدر
قرار تعيين المفتى فى مصر ؟ وكيف يكون القرار من اسفل سافلين ومن هم هؤلاء الذين
اعتبرهم بعيدا عن شرع الله والقرآن، وفى تحريض وبتهديد ووعيد للمفتى إذا لم يصدر
فتوى "فإن حيل بينك وبين الفتوى فإن هذه الصفحة تنتظر كى تنشر يوم الجمعة
القادمة استقالتك.
وكفر
المجتمع كله واطلق حقيقة مطلقة نهائية لا يملكها غيره تهز مشاعر اى مسلم غيور على
دينه وتجعل عقله يشتاط وتحوله الى كتلة من الغضب والهياج الذى قد يصل الى حد القتل
لكل معتد على دين الإسلام بان يقول " فولله لأن يسب القرآن ويهان فى بلد ليس
فيه من يفتى للإسلام والمسلمين لأفضل من ان يحدث هذا تحت ظلال وصور تهيئ للناس أن
الكفرة مسلمون"
لقد ظل الكاتب محمد عباس يصرخ فى بكائية حادة أشبه بالندب
والعديد على شخص عزيز مات واخذ يلطم الخدود صارخا لا اله الا الله محرضا المسلمين
جميعا ان يهبوا مستهدفين الشهادة والموت دون الذين يفترض فيهم الدفاع عن الإسلام
والقرآن وحمايته من المعتدين عليه مستدعياً جميع المسلمين ضد هؤلاء المسئولين اذا
لم يستمعوا الى نداء "محمد عباس" فى جريدة الشعب الذى اخذ يكرر ويقرر
وهو ينادى عليهم بصفاتهم الوظيفية واسمائهم الشخصية "يا فضيلة المفتى ..
الامة تراك .. بعيدا عن السلاطين قريبا لشرع الله ان هذه الصفحة تنتظر يوم الجمعة
القادمة فتواك فيما حدث .. فتواك فى الوزير الذى سمح به وروحه فتواك فى رئيس
الوزراء ان صمت " والأدهى من ذلك "فتواك فى النظام كله ان لم يرجع الى
الله"
لقد كفر الكاتب النظام كله سلفا واعتبرهم الكاتب سائرين ومصرين
على الكفر والفسوق والعصيان؟ وهل ذلك تلميح "افضل من ان تختلط الامور"
بان الامر مختلط بين مصر واسرائيل او المسلمين واليهود؟ وينتقل الكاتب فى حالة
اشبه بالهياج النفسى والعصبى وفى هستيريا واضحة يحرض شيوخ الازهر وطلاب جامعة
الازهر –
الذين خرجوا لاحقا الى الشوارع دفاعا عن الاسلام والقرآن ويقول فى نص مقاله
"يا شيوخ الازهر ويا طلبة جامعة الازهر لا اله الا الله يا طلبة العلم يا كل
الناس يا امه انه الله الذى لا اله الا هو وانه القرآن انه ملاذك الأخير وقدس
اقداسك الاخير لم يتركوا لك حرما الا لوثوه ولا وطنا الا اغتصبوه ولا كنزا الا
انتهبوه فإن سكت فأولى لك فأولى ثم اولى لك فولى ان تتوقفى عن الصلاة وعن الإسلام
كله .. دافعى عن القرآن يا أمه.
الا تفعلى تكن فتنة فى الأرض وفساداً كبيرا.
ونداءات صارخة لخطباء المساجد والقضاء والمحامين والاحزاب
السياسية والنقابات والصحف والكتاب.
"دافعوا عن القرآن"
وان لم تفعلوا جمعيا "ان لم تفعلوا فلتأتوا الله يوم
القيامة والقرآن خصمكم" تحريض وتهييج واضح للناس جميعا بالخروج الى الشوارع
للاستشهاد دفاعا عن القرآن وضد من؟ ضد كل من لن ينفذ نداءات "محمد عباس"
السيد النائب العام
لقد تسبب هذا المقال فى ترويعنا وتهديد حياتنا وحياة اولادنا
بين اهلنا وجيراننا وفى مكان عملنا ونعتبره تحريضاً علنيا على قتلنا انه تحريض
لامثال من قتلوا الكاتب فرج فودة والذين حاولوا قتل كاتبنا نجيب محفوظ.
والذين لم يكونوا قد قرأوا نجيب محفوظ او يعرفون حتى من هو وهم
انفسهم الذين لم ولن يقرأوا الرواية المنشورة.
لقد اثمت مواد قانون العقوبات المصرى هذه الصورة من التحريض
والتهديد والترويح وتعريض سلامة المجتمع وامنه للخطر وتعريض حياة الاشخاص او
حرياتهم او امنهم للخطر كما ورد بالمادة (86) عقوبات كما اثمت المادة (133) عقوبات
تهديد الموظف العمومى كذلك المادة (188) عقوبات هذا النوع من البيانات والاشاعات
الكاذبة التى تؤدى الى اثارة الفزع بين الناس.
كذلك اثمت المادة (375) مكرر عقوبات فى باب الترويع والتخويف
فعل تهديد الاشخاص بالافتراء عليهم بما يشينهم او يمثل تعرضا لحرمة حياتهم الخاصة
وبما قد يؤدى الى تكدير أمنة او سكينته او طمأنينته او تعريض حياته او سلامته
للخطر.
هذا بلاغ منا لسيادتكم لاتخاذ اللازم
وتفضلوا بقبول وافر الاحترام.
لا للتحريض على قتل المثقفين
بعد اذنكم .. انا مختلف معكم
ما كتبه حيدر حيدر لا علاقة له بحرية
الابداع
على قدر ما استاء البعض وتوجس اخرون من المظاهرات التى انطلقت
من جامعة الازهر الاسبوع الماضى منددة برواية "وليمة لاعشاب البحر" (دون
حتى ان يتبينوا اسمها) ورافضة لما اعتقدوه -وظنهم صحيح – مساسا بالمقدسات الدينية.
على قدر ما جاءت ردود افعال مثقفينا مستاءة ورافضة، على قدر ما
رأيت فى المظاهرات شيئا ايجابيا وفعلا شعبيا وطلابيا محمودا مطلوبا فالجانب المشرق
فى هذه المظاهرات ان لدينا - ما زلنا - طلابا وشبابا مهتمين بالشئون العامة وما
يحيط بهم فى مجتمعهم وان لدينا - ما زلنا - طلابا وشبابا يستفزهم المساس مجرد المس
بمعتقداتهم الدينية، وان لدينا - ما زلنا - بعضا من الناس تسرى فى عروقهم دماء
مستنفرة وقلوب متقده.
اليوم خرجوا وهذا حقم كامل غير منقوص لا منة من احد ولا دفعا
من احد فى مظاهرات من اجل كبريائهم الدينى ففى الغد يخرجون من اجل كبريائهم الوطنى
والسياسى واليوم ينددون بتجاوز اعتقدوه فى وزارة الثقافة وغدا ينددون بتجاوز
يعتقدونه فى غيرها.
علينا كمثقفين وطنيين ان نحتفل ونحتفى بهذه المظاهرات لا ان
نستنكرها ونستنكف منها حتى ولو كان شعارها ضد رواية او اعمال ادبية يدعى اصحابها
انها كذلك.
إذا ثار شباب وطلاب وتيار ضد رواية او كتاب او قصيدة، فهذا
دليل على انهم مهتمون ومهمومون بقضايا عامة خارج ذواتهم وشخوصهم دليل اخر فى
السياق نفسه على انه لا تزال الروايات والاعمال الادبية الابداعية قادرة على اثارة
مجتمع واستثارة جدل وتحريك مظاهرات ولعل مثقفينا النائمين فى العسل والجالسين على
هامش الحياة السياسية والفكرية يستيقظون يوما على اهميتهم واهمية ما يكتبون
وينشرون ويوجهون هذه الاهمية وجهتها الحق ، وجهتها الصواب نحو الحرية الحقيقية ضد
القمع والفساد والاستعباد وليس ضد حرية كاتب فى العيب فى الذات الإلهية او قرآن
ربى المجيد.
قبل ان اتيا الى ما هو زلق قد نسمع ان هذه المظاهرات خرجت بحشد
وتعبئة من تيارات وهذا ما اشك فيه كثيرا فهذ التيارات ليست بالقوة التى تحكم وتنظم
وتخطط وتنفذ فقد فشلت كثيرا فى كثير من خطواتها واهدافها ولم تفلح فى لم احد ولا
جر قدم نحو قضايا عدية كانت ملحة عليها وقاهرة لها فاحسب حتى لو كانوا هم من نجحوا
فى الحشد والتعبئة هذه المرة فلأهمية الموضوع ولفداحة الحدث ماجاء فى الرواية وما
استفز الناس .. كل الناس"
اما حكاية ان الطلاب الذين خرجوا لم يقرأوا الرواية فلا اظن
هذا ينقص او يزيد فى الأمر شيئا فالاحسن انهم لم يقرأوا الرواية فقد تستفزهم اكثر
اما انهم اعتمدوا فقرات متقطعة وسطورا مبتسرة فى الرواية والسطور تكفى جدا
لاستثارتهم ولحفزهم على التظاهر وان اى سياق ادبى مزعوم لا يغنى ولا يسمن من جوع
فى شرح شئ للناس يقلل من غلوائهم ويهدئ من روعهم.
وقد احتج كثير من المثقفين والادباء بأن ما كتبه حيدر حيدر
صاحب الرواية المشئومة "بئس الرواية التى كشفت بؤس واقعنا الثقافى "ما
كتبه يستند الى حرية الابداع والتعبير ويسعدنى كما يؤسفى ان اصدم اصدقائى بأن ما
جاء فى هذه الرواية لا يمت الى حرية التعبير بصلة تذكر.
حرية التعبير والابداع فى حق الكاتب فى تنوير الناس، ومواجهة
السلطة، والسلطان والتصدى للقهر والقمع والفساد والاستبداد فى لوج عالم الاجتهاد
وقراءة النصوص الدينية وتفسيرها .. التماهى مع سير وقصص الانبياء والاستلهام الحر
من حياتهم مسيرتهم فى كشف الجمود السياسى والفكرى والدينى فى تعرية شيوخ الطاعة
ووعاظ السلاطين فى تعرية السلاطين فى الهجوم السافر على احفاد ابى الحجاج الثقفى
ويزيد بن معاوية ومنصور السفاح فى السعى الى الديمقراطية والحرية ونزاهة
الانتخابات وحق التصويت غير المزيف ولا المزور فى مجابهة ومواجهة حملة مباخر
النفاق، وجملة مواخير السياسة فى سب ولعن وكشف وفضح الاستبداد والفساد.
اذا كنا نريد ان نضحك على انفسنا وعلى الناس وندعى وندعو الى
ان حرية الابداع هى وصف القرآن بالخراء، او نبى بالشذوذ او عضو انثوى بالقبلة
والمحراب فالحرية بريئة من هذه الافكار العطنة.
واريد ان اسال : ما الاضافة الى الحرية والابداع والضمير
الوطنى والعروبة الثقافية والاسلام المستنير التى اضافتها فقرات تصف القرآن
بالخراء ؟ ما هذا الحرص الغبى المستغبى على تقديم الحرية على انها قد تشمل لصق
صفات حقيرة بيدين حنيف او مقدس دينى منزه فى الاسلام او المسيحية او اليهودية؟
ان هامش الحرية فى الوطن العربى ضيق ومحدود 蝊يكاد يكون لا
مرئيا فبدلا من ان نقاتل ونناضل من اجل اتساع هذا الهامش والكفاح من اجل ان تبح
الحرية حقا وحقيقة نكاد نغرق فى عطن الوطن، وارث الروث حين نصرّ على استنفار
جهودنا لجعل هذا الهامش مخصص فقط لحق المبدع فى نعت المقدسات بما يحلو له، او حق
المبدع فى هلك قلب القارئ بذكر الاعضاء الذكورية والانثوية وزجاجات البيرة وبلل
المنى وسب الدين والملة فى قصائد النثر" لقد تحرك المثقفون من الادباء
المصريين غضبى من حملة جريدة الشعب على اصدار مؤسسة فى وزارة الثقافة رواية
"وليمة لاعشاب البحر" مستندين على الاسباب الاتية :
1-
انها حملة ارهاب فكرى ودينى تستهدف قمع حرية الابداع وتكفير
الادباء
2-
ان السكوت على هذه الحملة انتصار لاصحابها وسوف يشجعهم على
استسلام بقية المبدعين والمثقفين واستلقاط كلمة او سطر او فقرة من رواية او قصيدة
وانزال احكام التكفير عليهم.
3-
ان هذه الحملة دعوة الى القتل والتصفية الجسدية للادباء خصوصا
المشرفين على السلسلة التى اصدرت الرواية.
4-
ان ما كتبه حيدر حيدر يدخل تحت بند حرية الابداع وانه لم يحمل
مساسا بالدين ولا مقدساته وان الفقرة التى تم ابتسارها واستثماراها فى غير هدفها
وان الوصف جاء على لسان احدى شخصيات الرواية ومن ثم فالروائى لا يتبناها.
هذه الاسباب تبدو من الخارج منطقية ومتماسكة لكن بمجرد تأملها
نكتشف انها عوراء ان لم تكن عمياء وانه اذا اتفق بعضنا على ان هذه الحملة استخدمت
اساليب تهيجية غوغائية فمن يقظة الضمير ان نقول ان مواجهة الغوغائية لا تكون
بالغوغائية نفسها وان التهيج الصادر من جريدة الشعب يدعو الى كون هذا الاديب كافرا
وتصدى له تهييج يسارى يرى ان هذا حرية ابداع وان هؤلاء ارهابيون بل وصل الى وصف
احدهم بانه يتطاول على رموز الدولة.
وفى ظنى ان ما فعلته جريدة الشعب حقها الطبيعى الذى لا يناقشها
فيه احد صحيح ان الجريدة بالغت حتى التطرف والشطط فى استعداء الناس على حيدر حيدر
وناشر الرواية وصحيح انها اصيبت بجنون ملاحقة النصوص فيما يشبه محاكم التفتيش التى
تأخذ فى ارجلها بأبرياء كثيرين ولا تعطى فرصة لاحد كى يلتقط نفسا او يرفع حسا.
لكن هذه الاساليب كلها معهودة فى هذا التيار وجزء اصيل من
رسالته السياسية ولا هى مستغربة ولا مستوحشة بل متسقة تماما لا ارى جديدا لكن
للمفارقة فالقضية التى تسلمتها الحملة بسيطة وواضحة تماما
سؤال : هل من حق احد ان يصف القرآن بالخراء؟
أجب .. انطق قل الحق وما تراه يرضى ضميرك لن تجد سوى اجابة
واحدة "لا ليس من حق احد ثم ما عقوبة من يقول إن القرآن خراء؟ ان يقتل ان
تقطع يداه ورجلاه من خلاف [ لم تقل الحملة ذلك طالبت بوضوح معاقبة المسئولين
الموظفين هذه واحدة وطالبت بتظاهر الشعب وإعلان غضب المسلمين فى مصر من هذه
الجريمة.
عدّاها العيب
اذا كانت هذه مطالبها فقد عداها العيب فعلا. بل ارى ان من
الواجب على المثقفين امام رواية حيدر حيدر وما جاء فيها من وصف حقير للقرآن الكريم
حتى لو على لسان كلب فى الرواية وليس على لسان احد ابطالها. من الواجب علينا
الاعتذار وليس الاستكبار.
نعم احد نفسى خجلان فعلا من ان احدا من الكتاب كتب هذه الفقرات
ونشرها غيره من المثقفين وأرى واجبا عليهم الاعتذار لا الاستكبار لاكان يقصد
ولاكانوا يقصدون آسفون للرأى العام آسفون للحس المسلم السليم.
اما الاستكبار والقول بان وصفنا القرآن بالخراء حرية ابداع
فهذا امر والله العظيم ثلاثة - يسئ الى حرية التعبير والابداع ويجعلها خراء حقا
وينفر الناس منا ويدعو جماهير القراء والمواطنين الى كراهيتنا وبغضنا فإذا كان
العالم معسكرين:
معسكر يقول له انه ضد وصف القرآن بالخراء ومعسكر يقول له ان
تعبير "القرآن خراء" هو ابداع جاء على لسان شخصية فى الرواية وليس على
لسان الروائى "حلو شغل الحواة ده"
فسوف اكون كاى مواطن سليم العقل والوجدان مع المعسكر الاول
فورا
حرية ابداع ايه "يا روح امكم" انتظروا هذا الرد
اعود فاقول لو انشغل المثقفون المصريون الذين استنفروا ضد حملة
الشعب على خراء حيدر حيدر نصف هذا الاستنفارحين تم اعتقال الكتّاب والمفكرين فى
السجون القذرة ضد مصادرة كتاب سياسى او رواية صادرتها مباحث امن الدولة ضد تزوير
انتخابات ضد قانون الطوارئ. لكنا احترمنا حرية الابداع حقا.
لا افهم سر ان احدا من المثقفين لا يتحرك الا اذا كان فى الامر
هجمة من تيار دينى تحت ستار الدين ضد مبدع متهم بالاساءة الى المقدسات "لا
اقول مناقشة اجتهادات المفسرين، ولا اقول مناقشة صحة احاديث منسوبة الى النبى ولا
اقول خزعبلات شيوخ الطاعة .. لا .. اقول الاساءة الى المقدسات
ما السر؟
اعلم ان عشرات من المثقفين المصريين قالوا لى انهم يكرهون
رواية حيدر حيدر ويرونها عملا تافها وانهم ضد ما ذكره ويرونه شيئا حقيرا لكن ماذا
يفعلون الا مواجهة الهجمة الارهابية.
واقول لهم : ما الذى جعلنا نعتقد ان الحملة ضدنا اساسا؟
واذا كانت ضد مثقف او اديب او مشرف سلسلة ادبية فعليه ان يوضح
ويستوضح ومن الجائز جدا ان يشعر انه اخطأ فيعتذر او يستقيل بالمناسبة ابراهيم
اصلان –
المشرف على هذه السلسلة –
واحد من انقى وارقى واطهر رجال الارض وشخص اصيل رائع واعتقد ان هذه الحملة لم تمس
حتى طرف بنطلونه، فمن الجائز ان تكون الرواية قد عبرت عليه دون ان يتفحصها ومن
الجائز ان يكون تقديره قد اخطأ ولا طعن فى دينه ولا فى اسلامه واظن انه اصلب عودا
واقوى قلبا واصمد روحا من ان يبتزه اى واحد فيناء حينما رسمت رسامة صهيونية منذ
اعوام خنزيرا وكتب عليه محمد نبينا المصطفى
لم يقل احد لا عندنا ولا حتى عندهم انها حرية ابداع، وعندما تخرج السينما
الامريكية بفيلم يقدم ارهابيا وقاتلا ممسكا بمصحف شريف نصرخ:انها امبريالية
وصهيونية، ما الذى ننتظره اذن عندما نمس نحن مقدساتنا؟
بقيت ثلاث نقاط واحدة مكررة واثنتان جديدتان، نبدأ بالجديد:
1-
قرأت للكاتب محمد عباس ما يكتبه وقرأت محاولة اصابته بالسهم
نفسه الذى اصاب به حين استلقطوا له بعض الجمل والفقرات فى روايته "قصر
العينى" والحقيقة اننى ارى فى محمد عباس كاتبا جريئا وجسورا يكتب ما يراه وما
يريده ويحصل اللى يحصل والحقيقة ان كتاباته فيها خطابة ومنبرية ووعظية وحس تظاهرى
ومنبرى للغاية لكن ما الضرر هو حر اتفق معه واختلف احبه او اكرهه، لكن هذه سمته
وصفته وكتاباته ولقد رأيت فى مقالات كثيرة له شجاعة ليست فى كثير من المثقفين فى
مواجهة الظلم والاستبداد والفساد وامن الدولة. اما ما ذكره عن روايته التى لم
اقرأها فإن كل ما جاء من فقرات فى الرواية لا يسئ، الى محمد عباس فى شئ "يا
للمفاجأة" طبعا لا توجد رواية فى العالم لا تمس الجنس من قريب او بعديد ولا
يوجد ما يمنع او يعطل كاتبا عن الحديث عن الجنس فى رواية له وليس فى ذلك ما يسئ
على الاطلاق ضد الفحش فى الجنس ممكن حتى هذا فهي كلام .. لا احد ضد الاستعارة من
القرآن الكريم والفاظه وجمله ومعاينة، لم يقل احد على الارض شيئا من هذا قبلا ولا
بعدا. محمد عباس ليس فى روايته على ما قرأت من فقرات مختارة بعناية وبترصد وبتربص – ما يسئ له. الخلاصة عندى هل قال محمد عباس
على لسان شخصية من شخصيات روايته –
ان القران خراء او ان نبيا شاذاً او ان الانجيل كذا لا لم يقل اذن يكتب ما يحلو له
وانت مالك حتى لو كتب ما ادانه عند حيدر حيدر تبا للاثنين ان صح.
2-
اننى قرأت قطعا رواية "وليمة لاعشاب البحر" وقرأت كل
ما كتب عنها من دراسات نقدية وادبية "كله على ما اظن" ويسعدنى ان اسجل
رأيى لزملائى واصدقائى جميعا مع احترامى للنقاد الكبار قوى الذين امتدحوها حتى كدت
اظن انها المثال والنموذج وهو رايى فى جملة واحدة. "انها رواية خراء طازج"
وهذا ليس وصفا ادبيا ولا نقدا ادبيا إنه مجرد راى ينطوى تحت حرية الرأى والتعبير.
اخيرا كان من الممكن ان يضع المرء لسانه فى حلقه ويسكت ويعتزل هذه الفتنة وتتحرقوا
جميعا .. اسلاميين على يساريين فلا احد منكم مد يديه ولا أفرع مداد حبره لنجده
كاتب مصادر ومطارد، اغلقوا سبع صحف له وصادرت مباحث امن الدولة روايته دون ان يهرع
البعض الى طبعها تحديد للسلطة او للسلطان كان من الممكن ان اصمت ولم يكن احد يرمى
رذاذه بعدها فى وجه رايى ابدا لكن لو كنا ممن يضعون السنتهم فى حلوقهم ما كان
حالنا هكذا ولا هذا مالنا. مرة اخيرة حرية الراى والابداع والتعبير هى التى نوجهها
ضد الجمود والقهر والكبت والقمع وفى سبيل الحرية والديمقراطية والشفافية والنهوض
بامتنا ومجتمعاتنا. اما عدا ذلك فهو ليس كذلك وينجينا رب الممالك من المهالك قول
يا رب.
ولنا تعليق :
تعتبر "اخبار الادب" نفسها فى معركة دفاعا عن حرية
الابداع وحق التفكير الذى لا يصح ان يشهر فى وجهه سلاح التكفير ولان الحرية لا
تتجزأ ننشر هنا مقالا لرئيس تحرير جريدة "الدستور" الموقوفة ابراهيم
عيسى الذى طلب ان يقدم صوته "المختلف" من خلال اخبار الادب ونحن نرحب
به. وكما ان الدين لا يهدمه سطر فى رواية فان حرية الابداع لا يمكن ان يهدمها مقال
ابراهيم عيسى الذى يستحق التأمل من اكثر من زاوية فهو :
اولا يجزم من السطور الاولى بحق الطلاب فى التظاهر ضد الرواية
دون ان يقرأوها - هو الذى تعرض لهذا فى ابداعه وعمله الصحفى - وهو لا يكتفى بهذا
بل يقرر من البداية ايضا ان الرواية تمس المقدسات.
ثانيا يرى ابراهيم عيسى ولا احد يخالفه ان مقاومة فقهاء
السلطان ووعاظ الطاعة اجدى مما اعتبره اهانة للمقدسات : وسؤالنا اليه ما الذى اخرج
نصر حامد ابوزيد من مصر ؟ هل كتب رواية هو الاخر ام ان معركته كانت مع فقهاء
الطاعة؟
ثالثا من المدهش ان يرى الاساءة فى رواية حيدر بينما لم يجد فى
رواية محمد عباس اية ساءة بما فى ذلك تحريف سورة "الاخلاص" فإن كان ما
نشرناه فى العدد السابق للناقد عبد العزيز موافى غير كاف فاننا نحيل الصديق
ابراهيم عيسى الى المنشور فى هذا العدد ايضا ليرى ما ذكره عباس عن "مريم
العذراء" المقدسة فى الديانتين المسيحية والاسلامية.
لا للتحريض على قتل المثقفين
تنفرد اخبار الادب بنشر التقرير الكامل للجنة العلمية حول
رواية "وليمة لاعشاب البحر" وقد عمدت فى بدايته الى التنبيه الى طبيعة
العمل الروائى التى تتمثل فى ابداع عالم فنى متخيل وهو ما يشبه الاعتذار من اللجنة
التى وجدت نفسها فى هذا الموقف الذى صار ضروريا بعد ان نجح المتطرفون فى التغرير
بالشباب وتسببوا فى اسالة الدماء من اجل اهدافهم الخاصة.
أخبار الأدب تنفرد بنشر تقرير اللجنة
العلمية حول الرواية :
"وليمة لاعشاب البحر" عمل
مقاومة ينتصر للدين
الكاتب المثير للفتنة هو الذى أهان
القرآن وليس الرواية.
محضر اجتماع اللجنة العلمية المشكلة لاعداد تقرير عن رواية
"وليمة لاعشاب البحر"
اجتمعت اللجنة العلمية المشكلة بقرار الامين العام للمجلس
الاعلى للثقافة رقم 54 لسنة 2000 لاعداد تقرير عن رواية "وليمة لاعشاب
البحر" للكاتب السورى حيدر حيدر فى تمام السابعة من مساء الثلاثاء 9/5/2000
بحضور كل من:
أ.د / عبد القادر القط مقرر
اللجنة.
أ.د / صلاح فضل عضوا
أ.د / كامل زهيرى عضوا
أ.د / مصطفى مندور عضوا
د. عماد بدر الدين ابو غازى امينا
للجنة
وقد اعتذر عن الحضور :
أ.د / احمد هيكل لمرضه
وقد استعرضت اللجنة التقارير الفردية المقدمة من اعضائها
وتناقشت فيها باستفاضة (مرفق صورة منها) ثم انتهت الى صياغة تقرير جماعى يعبر عن
رؤية اللجنة (مرفق نص التقرير)
وقد انتهى الاجتماع فى تمام الساعة التاسعة والنصف مساء
امين اللجنة :
د. عماد بدر الدين ابو غازى
مقرر اللجنة
أ.د / عبد القادر القط
تقرير اللجنة العلمية عن رواية "وليمة لأعشاب البحر"
تقدم رواية "وليمة لأعشاب البحر" رؤية مركبة للواقع
السياسى المتحرك للتيارات التى ماج بها الوطن العربى فى النصف الثانى من القرن
العشرين وتبرز المشاهد الاستهلالية للرواية الروح التى تسيطر على اتجاه المعنى
فيها حيث تصور وداع مهدى جواد –
الشخصية المحورية قبل رحيله الى الجزائر على النحو التالى :"اخت فى ولون
المرارة وشهقة النحيب ترفع القرآن بيد، وباليد الاخرى صحنا من الطحين على الكتاب
المطهر يضع راحة كفه ثم يعبر بخشية وجلال منحنيا بقامتة ورأسه تحت قوس الطحين
تمتمات وأدعية تنطلق من اعماق السلالة التى تودع طفلها : اقسم بهذا المقدس وبهذه
النعمة ان أكون وفيا وألا انسى فى الغربة البعدية رائحة البيت والارض والخبز
وصلوات الأجداد، والحليب والدم، وصرخة الحسين وهو يذبح بسيف الشمر" إنه من
السلالة النبوية، على الرغم من انه اصبح ثوريا شيوعيا، وربما حنث بقسمه بعد ذلك
ولكن قبل ان نمضى فى تدليل للقراءة الصحيحة للرواية ينبغى ان نتذكر ان تقييم
الأعمال الإبداعية عامة ، والرواية على وجه الخصوص يعتمد على إدراك طبيعة الرواية،
بوصفها تتمثل فى إبداع عالم فنى متخيل يحاكى فى قوانينه العالم الكبير اعتمادا على
تكوين شخصيات متخلية، تنسب إليها أقوال وأفعال خاصة، ومواقف مماثلة لما يحدث فى
الحياة بشكل أو اخر وكل العبارات التى ترد فى الأعمال الروائية لا يمكن ان تفهم
على وجهها الصحيح منفصلة عن سياقها ولا عن طبيعة الشخصيات التى تنطق بها ولا
التعليقات التى ترد عليها من شخصيات اخرى واى اجتزاء لعبارة من عمل روائى وفهمها
خارج سياقها وبعيدا عن شخصية الناطق بها ورد المستمع لها فهو فهم غير سليم ومن
ناحية اخرى فإن وظيفة الادب الروائى هى نقد الحياة وتعميق الوعى الجمالى بها وهذا
يقتضى المحافظة على حرية التخيل من ناحية وقوة التعبير الفنى وصدقه من ناحية اخرى.
واية محاولة لانتقاص حرية التخيل او اضعاف الصدق تؤدى الى
أضرار بالوظيفة الادبية الجوهرية.
والرواية تقدم تجربة واسعة لعراقيين يعتنقان الفكر الشيوعى،
ويقاومان مع كثير من عامة الشعب العراقى الحكم العسكرى القائم على العسف والمطاردة
والقتل والتعذيب والمحاكمات الصورية ايام حكم انقلاب عسكرى معروف وحين لا يجدان
بعد المطاردة والسجن والتعذيب منجى بعد الموت الا الهجرة الى بلد عربى يتوسمان فيه
الامان والترحيب يهاجران الى الجزائر بعد ان كانت ثورتها قد نجحت وطرد المستعمرون
الفرنسيون واستولى الوطنيون على الحكم. كان مهدى جواد ومهيار الباهلى يأملان ان
يجدان شيئا من الطمأنينة النفسية تعيد إليهما الاستقرار فى تلك المدينة الجزائرية
الصغيرة "بونة" على ساحل البحر.
لكن الجزائريين كانوا يجتازون حينذاك فترة انتقال يسودها القلق
والاحساس بأن السياسيين والانتهازيين قد جنوا ثمار ثورتهم التى ضحى آلاف الشهداء
بأرواحهم فى سبيلها، فكان فى نفوسهم كثير من الشك فيما بينهم وكثير من الشك فيمن
يفد اليهم من الغرباء.
وهكذا تحول العذاب الجسدى والنفسى الذى لقياه فى العراق الى
قلق دائم واحساس بالغربة والعجز عن التواصل مع ابناء مهجرهم الا من خلال علاقات
عاطفية شخصية محدودة يصفها الراوى بأسلوب شعرى جميل وهو يصور حب مهدى جواد وسلمى
الاخضر فى رحاب البحر والطبيعة وصخور الشاطئ وفى مجابهة محفوفة بالمخاطر مع مجتمع
المدينة الصغيرة المحافظة ورسم الرواى صلة اخرى ذات طبيعة حسية خالصة وان لم تخل
من مشاركة فى ذكريات المقاومة العراقية والثورة الجزائرية بين مهيار الباهلى وفلة
العنابية وهى امرأة شاركت فى الثورة مشاركة فعالة ثم وجدت نفسها فى النهاية كما
وجد كثير من الجزائريين انفسهم وحيدة منبوذة فلم تجد الا الجنس سلوانا عن هزيمتها.
والمعنى الكلى للرواية يشير الى قيام حركتين ثوريتين احداهما
شيوعية مجافية للدين فى اهوار العراق ويكون مصيرها الفشل الذريع والأخرى ثورية
تحررية رفعت القرآن الكريم واعتمدت على الإيمان فانتصرت فى الجزائر كما يقول
الرواى: حين هبط ثوار حرب التحرير الجزائرية من الجبال المصبوغة بالدم كانوا
يهللون بتكبيرات عصور الفتح الاول كل مجاهد علق على صدره قرآنا عربيا كان بمثابة
الرقية ضد رصاص المستعمر.
ونلاحظ ان طبيعة الشخصيات التى تتحرك فى الرواية على قدر كبير
من القلق والتوتر العصبى يجعل احاديثها احيانا تبدو متجاوزة للمألوف وقد يجد فيها
القارئ غير المتمرس بقراءة الاعمال الابداعية إسرافا فى المرارة والحدة لكنه عندما
ينسبها الى طبيعة الشخصية ويستحضر الموقف فى جملته يتبين انها تعبر عن لحظة بعينها
وتصبح ضرورية من الوجهة الفنية لتصوير الموقف.
ومن هنا فإن ما نسب الى الرواية من بعض العبارات التى يبدو فى
الظاهر انه يمكن ان تمس شعور القارئ غير المدرب لما يظن انه مساس بالدين او طعن فى
القرآن الكريم او تعريض بحياة الرسول صلى الله عليه وسلم فهو من قبيل سوء فهم الفن
الروائى وتحريف عباراته وانتزاعها من سياقها وتجاهل ما يرد فى النص ذاته من رد
عليها من شخصيات مخالفة والمشاهد المشار اليها على وجه التحديد هى مايلى:
اولا: ما ورد فى صفحة 128-129 من الطبعة المصرية على لسان
الشيوعى الهارب "مهيار الباهلى" فى صور نقد ادعاء حكومة الرئيس بومدين
تبرير التأميمات الاشتراكية بأنها من الاسلام حيث تقول الشخصية المتخيلة فى حوارها
مع الآخرين "التأميم ليس الاشتراكية وهذا الذى يحدث ليس اكثر من ترقيع مزيف
لا يمحو الاستلاب الجوهرى للانسان اشتراكية بروح العلم لا بروح الدين هذا امام
ينبغى ان يكون الوعى العميق بالتاريخ غائب وهؤلاء يهمشون التاريخ ويعيدونه مليون
عام الى الوراء فى عصر الذرة و الفضاء والعقل المتفجر يحكموننا بقوانين الهة البدو
وتعاليم القرآن .. خراء" ثم تتابع الرواية على الفور شرح رد فعل الشخصية
الثانية "كان مهدى جواد يتملى البحر من خلال الزجاج المغبش مراقبا الدوران
الأبله لطيور النورس ولكى يبعد عن رأسه طنين الكلمات الضخمة التى يطلقها عقل السيد
الباهلى الملتاث كان يسلس العنان لخياله.
وبقراءة هذا المشهد يتضح انه يعبر عن موقفين لشخصيتين تنتميان
الى الحزب الشيوعى، احداهما تنقد تجربة الجزائر فى التأميمات باسم الدين والقرآن،
وتؤكد على الجانب اللادينى وتصف التجربة بأنه خراء، والآخر وهو شيوعى ايضا لا يقبل
كلامه ويحكم عليه بانه ملتاث العقل وعندئذ لا بد لنا من ملاحظة ما يلى:
1-
نسبة هذه الاقوال الى الرواية والمؤلف غير صحيحة، لانها تصدر
عن شخصية متخيلة تناسب معتقدها وهى فى منظور شخصية اخرى نوع من لوثة العقل.
2-
إلغاء النقطة التى جاءت بعد لفظة القرآن والقول بأن الوصف
البذئ الذى جاء عقبها ينصب على كلمة القرآن فيه تحريض مقصود واساءة واضحة لتهييج
المشاعر الدينية، وهو مخالف لامانة النقل يترتب عليه تغيير للمعنى واختلاف الدلالة
لأن ما يوصف بانه خراء هو الحكم السياسى بتبريرات دينية.
3-
اهمال الإشارة الى رد فعل الشخصية المقابلة واعتبار كلامها
لوثة عقل مختل يصبح من قبيل لا تقربوا الصلاة.
على انه من المعروف حتى فى الكتابة غير الادبية ان من يروى
الكفر ليس بكافر، والقرآن الكريم ملئ باقوال الملحدين والكفار الواردة فى سياق
الرد عليه وتفنيدها ولا ينتظر من الاعمال الابداعية سوى امرين.
ان تكون الاقوال ملائمة لطبيعة الشخصية التى تنطقها وهذا
متحقق.
ان تكون الدلالة الكلية للعمل مغايرة لهذا المنظور الجزئى.
والقراءة الكاملة للنص الروائى تشهد بورود عشرات العبارات
الأخرى التى تعلى من شأن التجربة الدينية التى ادت الى انتصار ثورة الجزائر وتؤكد
شعور التقديس المهيمن على بقية الشخوص تجاه القرآن الكريم واحترام التربية
الإسلامية والتنديد بالاستعمار الأجنبى، ومنها وصية الشهيد الجزائرى – والد الفتاة التى تلعب دور البطولة – لزوجته "ربيهم تربية تليق بنا كمسلمين
نحن نقاتل حتى لا يلوث الاستعمار شرفنا ومن لا يحافظ على بيته لا يحافظ على
وطنه" (ص64)
ويقول مهيار الباهلى – احد الشخصيتين الرئيسيتين : الفلاحون شجرة
الثورة ووقودها هم الذين ابقوا الجذوة متقدة حتى النصر هؤلاء هم البحر ونحن السمك
الان نحن بينهم كما كان رسولنا محمد مع المهاجرين والانصار.
وحينما تقول آسيا عن المستعمرين الفرنسيين "غرسوا فى
ذاكرتنا ان المسلمين والعرب كانوا غزاة فاتحين، كانوا يؤكدون لنا ان القرآن مأخوذ
عن الانجيل والتوارة واللغة العربية لغة دين وشعر لا لغة علم وهذا هو سبب تخلف
العرب فى العلوم والحضارة الحديثة" يرد عليها.
لا للتحريض على قتل المثقفين
المحرضون يواصلون التهييج والمثقفون
يفضحون المغالطات:
نداء الدم أثمر فى جامعة الأزهر
واصل المحرضون على القتل واعداء حرية التعبير مسلسلهم على عدة
جبهات سواء على صفحات "الشعب" او من خلال وسائل اخرى ، حتى انتهت اخيرا
بالمظاهرات الطلابية التى اندلعت فى جامعة الازهر وخارج اسوارها.
وفى نفس الوقت واصلت جبهة المثقفين والمدافعين عن حرية التعبير
معركتهم، وعقدت ندوات ومؤتمرات ودخلت المعركة صحف اخرى كما ترددت اصداء المعركة فى
بلدان عربية مختلفة .
وكانت اخبار الادب قد بادرت منذ اللحظة الاولى باتخاذ موقف
حاسم ضد المحرضين على القتل ، وصدر العدد السابق متضمنا هذا الموقف على نحو جلى
وتم بالفعل كسر حالة الرعب والخوف التى سادت بعد التحريض العلنى على القتل الذى
بدأته جريدة الشعب من خلال المقال الشهير للسيد محمد عباس.
خطأ "الورقة"
ومساء الجمعة "5 مايو" اقامت الشعب فى مقر حزب العمل
مؤتمرا تحت شعار "الغضب فى الله الدعوة التى اطلقها عباس فى مقاله، حضر
المؤتمر الزميل حسن عبد الموجود الذى كتب : ارتفعت على جدران المقر عشرات اللافتات
المثيرة مثل "سيبقى الاسلام عزيزا بجهاد ابنائه ويقظتهم" او "من
المسئول عن بقاء فاروق حسنى؟" أو "مؤتمر غضبه شعب مصر ضد سب الله
والرسول والقرآن" اما شباب الحزب فقد تعالت هتافاتهم ثورة اسلامية فاروق حسنى
عدو الله.
وما هى الا دقائق بعد صلاة المغرب – كما اتفق منظمو الندوة – الا وجلس الضيوف على المنصة : الشيخ حافظ
سلامة –
د. جمال عبد الهادى د. محمد عمارة د. جابر قميحة الشيخ ابو العلا خليل د. يحيى
اسماعيل كما تاخرت البداية قليلا حتى يتسنى لمذيعة (بى. بى. سى) اجراء مقابلات مع
المتحدثين فى الندوة.
صال د. محمد عمارة وجال واصفا الفكر الذى يواجهه بفكر الغرائز
بدءا من طه حسين حتى نصر ابو زيد وسعيد العشماوى كما تحدث الشيخ ابو العلا خليل
الذى قال ان المسئول عن هذا الكفر هو الدولة كلها وتوالت الكلمات للدكتور جابر
قميحة والشيخ عبد الله السماوى و د. يحيى اسماعيل وعادل حسين وسط هذا المؤتمر
الحافل اصيب الجميع بالذعر فور توزيع صور من مقال عبد العزيز موافى المنشور فى
العدد الماضى من اخبار الادب والذى يكشف فيه قيام السيد عباس بالتطاول على
المقدسات فى احدى رواياته، وتم اطفاء النور وطالب المنظمون حضور المؤتمر بتسليم
الورقة لانها وزعت عليهم خطأ
وكانت "الشعب" قد صعدت حملتها فى العدد الذى صدر فى
نفس يوم انعقاد المؤتمر المشار اليه، حيث وسعت هجمتها التى شارك فيها الى جانب
السيد عباس عدد اخر من كتاب ومحررى الجريدة وطالبت هذه الهجمة اسماء جديدة وكتبا
اخرى بعضها صدر منذ سنوات بل واعادت نشر بعض المقالات التى كانت قد نشرتها فى
اعداد سابقة فى تصعيد واضح ومتخذة نفس المنهج التكفيرى التحريضى ضد الابداع
والثقافة.
فى "الأتيلية"
تجمع المثقفين والذى كانت فكرته قد بدأت عشية حملة الشعب واصل
من جانبه التصدى للحملة فعقد فى أتيليه القاهرة مؤتمرا آخر حضره الزميل محمد شعير
الذى كتب : فى الثامنة من مساء اليوم الاحد يتوجه المثقفون المصريون الى نقابة الصحفيين المصريين لتأكيد
مبدأ دفاعهم عن حرية الرأى وادانة ما يتعرض له الابداع من هجوم فاشيستى من قلة
تتستر برداء الدين وقد دعت الى هذا اللقاء جماعة المثقفين المصريين المستقلين فى
اجتماعهم مساء الاحد الماضى لمواصلة النقاش حول شكل الجماعة واهدافها وقد انتهى
الاجتماع بتشكيل لجنة تحضيرية ممثلة لكافة المجالات الثقافية وتضم نسبة كبيرة من
الشباب ويكون دورها كما اشار د. عبد العظيم انيس الذى ادار النقاش – اعداد بيان بأهداف هذا التجمع وشروط العضوية
فيه ، وسوف تعرض اى قرارات تتخذها اللجنة على الجميع.
تحدث د. صلاح الرواى موضحا ان هذا التجمع يجب ان يكون فى جوهره
سياسيا وان يتصدى لاى محاولات تحد من حرية الابداع سواء اكانت من جانب المؤسسات
الحكومية او الجماعات الفاشستية.
وقد اوضح د. عبد العظيم انيس ان هناك فرقا بين عمل ذى طابع
سياسى مباشر او طابع غير مباشر وان الهدف الاساسى لهذا التجمع سيكون التصدى بشدة
لكل من يقف ضد حرية الابداع.
د. رضوى عاشور اشارت الى تجربة لجنة الدفاع عن الثقافة الوطنية
ودورها الذى استمر اكثر من عشرين عاما، وان اجتماع المثقفين فى اى وقت فى حد ذاته
شرعية، ان التجمع سيهدف الى ترسيخ قيم الديمقراطية، والمساهمة فى خلق اشكال ارقى
من الحوار.
واكد المخرج السينمائى رضوان الكاشف اننا نعيش لحظة تؤكد
حاجاتنا الى مثل هذا التجمع للدفاع عن كل مجالات الابداع.
اما المخرج السينمائى مجدى احمد على فأشار الى اهمية توسيع
مفهوم المثقف الذى يجب ان ينضم الى التجمع وعدم الاقتصار على فئة محددة.
وأشار د. محمد بدوى الى التجارب السابقة التى ثبت فشلها من قبل
ولإمكانية تجنب هذا الفشل ينبغى تحديد الهدف من هذا التجمع بأن يكون هدفها الرئيسى
الدفاع عن حرية المثقف فى الابداع، ومن هنا يجب الا يكون لهذا التجمع علاقة اساسية
بأى من الاحزاب السياسية وان يحدد موقفه بوضوح من الاجهزة الرسمية لوزارة الثقافة.
اكد ابراهيم منصور : ان التجمع سيكون مفتوحا لكل التيارات
الابداعية والمجالات الثقافية ويتصدى لموجات الارهاب الفكرى. واضاف سنوجد سواء
بشكل شرعى او غير شرعى والتجمع ليس ضد اى من الاجهزة الثقافية ولكن وجود تجمع
مستقل للمثقفين سيؤدى الى تحسين اداء هذه الجهزة وهذا ما حدث بعد الضجة المثارة
حول رواية حيدر حيدر، اذ اصدر اتحاد الكتاب لاول مرة بيانا يدين فيه الهجوم على
الرواية وفى نهاية الاجتماع تم تشكيل لجنة تحضيرية نصفها من الشباب.
دفاعا عن حرية الإبداع
من جانب اخر اصدرت التجمعات والهيئات الثقافية المختلفة عددا
من البيانات من بينهما اتحاد الكتاب الذى اصدر بيانا جاء فيه:
تابع اتحاد الكتاب بقلق ما اثير حول رواية : وليمة لاعشاب البحر،
للكاتب السورى الكبير حيد رحيدر والتى نشرت مؤخرا ضمن مطبوعات الهيئة العامة لقصور
الثقافة.
ان اخطر ما اقدم عليه اصحاب هذه الحملة قراءتهم غير السليمة
التى انتزعت العبارات من سياقها مما يعطى معنى مغايرا تماما لما تريده الرواية.
واتحاد الكتاب من منطلق حرصه على حرية الكاتب يعلن رفضه
للحملات التى تثار بين حين وآخر بهدف النيل من حرية المبدع العربى، ويدين هذه
الحملة الاخيرة التى لا مبرر لها.
واتحاد الكتاب اذ يجدد دعمه لحرية الابداع والفكر والخيال
الفنى ليدعو الهيئات والمؤسسات المعنية بالثقافة ان تؤكد تأييدها، لهذه الحرية
والحفاظ عليها من كل عوامل الهدم والتقييد.
واصدرت لجنة القصة بالمجلس الاعلى للثقافة بيانا مماثلا قالت
فيه:
لجنة القصة بالمجلس الاعلى للثقافة وقد تابعت بقلق بالغ الحملة
الضارية المثارة الان حول اكثر من عمل متميز، ترى ان الضجة التى تفتعل بين الحين
والحين حول الابداع الفنى والفكرى انما تقوم على اجزاء عبارات مقتطعة من سياق
الاعمال الفنية والفكرية على نحو يؤكد رغبة القائمين على هذه الاثارة فى الرأى
العام والحصول على مكاسب سياسية.
وتدين اللجنة بقوة هذه الحملة من الإرهاب الفكرى الذى تمارسه
بعض جماعات الضغط السياسى متسترة بدعاوى دينية. واصدر وزير الثقافة تصريحا اشار
فيه الى ان "وليمة لاعشاب البحر" لم تصادر وانها لا تحتوى على ما يسئ
الى الاسلام واضاف ان اللجنة التى كان قد تقرر تشكيلها من عدد من النقاد لا تستهدف
التحقيق فى الرواية ولكن يقوم اعضاؤها بقراءة الرواية بشكل متعمق لعرض مضمونها
وفحواها على الرأى العام.
اما مجلة العصور الجديدة التى تعرضت للهجوم فقد اصدرت هيئة
تحريرها البيان التالى :
ضد محاكم التفتيش
من اجل الانتخابات وكرسى فى البرلمان، كل شئ مباح فلا الاسلام
ولا الدفاع عنه، ولا القيم والتحصن بها ولا الافتراءات التى وردت فى "جريدة
الشعب" صبيحة يوم 28/4/2000 حول رواية الكاتب السورى الكبير حيدر حيدر
"وليمة لاعشاب البحر" هو الذى حرك الحملة المدبرة مسبقا ضد الثقافة
والمثقفين، فاحتزاة بعض العبارات من سياقها ووضعها فى عناوين ضخمة لقارئ عام لهو
تحريض على الترويع والقتل وهو ما اوصلته جريدة الشعب فى اعدادها التالية.
ومن بين الموقعين على البيان :
راوية عبد العظيم، مهدى مصطفى ، إيناس حسنى ، أ.د سمير امين،
أ. د محمود اسماعيل الشاعر / ادونيس، الكاتب / حسين العودات وارسل لنا ادباء
ومثقفو الفيوم بيانا اخر يستنكرون فيه الواقع المؤلم الذى آلت اليه احوال المبدعين
فى مصر على أيدى راغبى الشهرة السريعة وقوى الظلام الجاهلة واضاف البيان ان
الاسلام بعظمته وسماحته برئ من كل افعالهم مشيرا الى دعوة مصادرة الابداع واقامة
الحد على ادارة النشر بهيئة قصور الثقافة وساند ادباء الفيوم حيدر حيدر مؤلف
الرواية رافضين العودة الى ازمنة القهر والكبت والاستبداد وكذلك قرار وزير الثقافة
بتشكيل لجنة لمراجعة الرواية كأحد أشكال الوصاية على الابداع. وقع البيان عدد كبير
من الفنانين التشكيليين والشعراء والقصاصين من بينهم عصام الزهيرى ومحمود قرنى
ومحمد ربيع هاشم ومنى الطلاوى وعهدى شاكر واشرف جابر ومحمد طه عليوه ورمضان عبد
العليم وغيرهم.
وعلى الصعيد العربى استمرت اصداء المعركة وكتب لنا مراسلنا فى
ابوظبى وليد علاء الدين التقرير التالى :
أصداء عربية
بعد ثمانية عشر عاما من صدور الرواية الشهادة ينبرى من افرزهم
زمن الظلام الى هدر دم الرجل الذى كان كمن يقرأ المستقبل فى مئات الصفحات التى
كتبت بدم القلب وماء الشعر"
لعل الجملة السابقة تكون افضل مؤشر لقياس اصداء الضجة المفتعلة
التى اثيرت اخيرا فى مصر اعتراضا على اصدار الهيئة العامة لقصور الثقافة رواية
الكاتب السورى حيدر حيدر "وليمة لاعشاب البحر"
والجملة للدكتور حسن مدن من عموده اليومى (شئ ما) بجريدة
الخليج ويشير د. مدن الى المفارقة الواضحة فى ان تكون رواية حيدر حيدر الاهم التى
تحدثت عن افول الزمن العربى، وعن مرحلة بدا معها اننا ذاهبون الى الانحطاط ان تكون
هذه الرواية بالذات متكأ يهدر من افرزهم الظلام دمه على اساسه.
وفى عموده اليومى"افاق" رأى الكاتب فضل النقيب – على مدار يومين – ان مفتعل هذه الضجة قد دعانا الى وليمة سامة
نحيل فيها عقولنا الى التقاعد واضاف ان هذا الشخص لو كان مشبعا بأدب الحوار
الإسلامى لكان عرض وجهة نظره بهدوء وروية إلا انه جاء باحثا عن الاثارة.
وفى ملحقها الثقافى الاسبوعى استكتبت جريدة الخليج الشاعر
المصرى احمد عبد المعطى حجازى الذى كتب تحت عنوان "ليس دفاعا عن حيدر حيدر
فقط" ان الاخلاق والعقائد فى هذه الضحة – التى تاتى ضمن حملة لتدمير الثقافة المصرية-
ليست الا قميص عثمان.
كما شاركت صحف عربية اخرى منها الحياة والقدس اللندنيتان
والشرق الاوسط فى كتابة تقارير ومتابعات حول اصداء المعركة فى مصر.
احتجاجات الطلاب
المؤسف هو المظاهرات الطلابية التى اندلعت فى جامعة الازهر
الاثنين الماضى احتجاجا على نشر الرواية والواقع اننا لا نخفى تعاطفنا مع هؤلاء
الطلاب الذين تظاهروا احتجاجا على واقع سيئ ومستقبل لا يدعو للاطمئنان والتظاهر لا
يستهدف الرواية تحديدا بل هو مناسبة لتنفس هذا الغضب القلق المكتوم وطبقا لما
نشرته الصحف منسوبا لمصدر أمنى ان الطلاب تجمعوا وخرجوا للتظاهر من المدينة
الجامعية والحرم الجامعى وقاموا بقذف قوات الامن بالحجارة ما احدث اصابات ببعض
الضباط والافراد وتلفيات بعدد من السيارات الامر الذى استدعى التعامل بالغازات
المسيلة للدموع وضبط بعض هذه العناصر اما رويترز ووكالة الانباء الفرنسية فقد
اوردتا فى تقارير مراسليهما وقائع التظاهرات الطلابية مشيرة الى ان التظاهر لا
يستهدف الرواية تحديدا بل هو مناسبة لتنفيس هذا الغضب وانه تم القبض على 75 طالبا
احيلو للتحقيق فى نيابة امن الدولة.
وفى
اليوم التالى للمظاهرات صدرت الشعب تواصل حملتها وهاجمت اسماء جديدة وكتبا جديدة
بنفس المنهج التكفيرى، غير انها خصصت صفحة طريفة تحت عنوان "محاولة سريعة
لقراءة ادب الدكتور محمد عباس" تلهج بمناقب وعبقرية الاديب السيد عباس ردا
على ما اثير حول الروايات والمجموعات القصصية التى اصدرها وكشف عبد العزيز موافى
فى اخبار الادب عن احتوائها على فحش وفجور جنسى الاكثر طرافة ان الصفحة غير موقعة
فهل تحولت الشعب بكاملها الى ناقد ادبى يتحدث عن فتوحات ومآثر السيد عباس الادبية.
تراجع الوزير
المؤسف ايضا هو تراجع وزير الثقافة مرة اخرى عن تصريحه السابق
قبيل المظاهرات الطلابية فقد اشار فى تصريح جديد الى ان هناك لجنة خاصة من كبار
علماء الدين الاسلامى تعكف الان على قراءة ودراسة الرواية على ضوء تقريرها سيتم
اتخاذ الاجراء المناسب واضاف الوزير ان اللجنة تضم مجموعة من العلماء الاجلاء وان
كل عضو بها سيقدم دراسة حول جميع جوانبها من النواحى الابداعية والادبية والمسألة
المتصلة بما يقال ويثار بأنه متصلة بالدين وستصاغ هذه التقارير فى النهاية فى
تقرير عام يطرح على المجتمع والتصريح يشكل تراجعا شديدا لموقف وزارة الثقافة الذى
عبرت عنه جريدة القاهرة الاسبوعية فى نفس اليوم الذى عدل فيه الوزير عن تصريحه
السابق مما يعكس التضارب والتناقض فى موقف الوزارة خصوصا بعد مظاهرات طلاب جامعة
الازهر.
بقى ان نشير فى هذا التقرير الذى سعينا فيه الى الحياد قدر
الامكان وفى قضية صعب فيها ان يكون الكاتب محايدا، نشير الى بيان عن لجنة الشئون
الدينية والاجتماعية والاوقاف بمجلس الشعب وقعه د. احمد عمر هاشم رئيس اللجنة
تطالب بمصادرة الرواية وسحبها من الاسواق وتقرير عدم تداولها لما يشتمل عليه من
اساءة للمقدسات الاسلامية اما اخطر ما ورد فى التقرير فهو دعوى اللجنة بقيام
الرقابة على المصنفات بعرض كل كتاب يشتمل على امور الدين اولا على الازهر الشريف
للتأكد من صحة ما فيه من معلومات والمعروف ان الاعمال الادبية ليست من بين الكتب
التى تشتمل على امور الدين" كما يشير بيان اللجنة.
على اى حال ما زالت المعركة مستمرة وتضاف إلهيا وقائع جديدة فى
اخطر مواجهة بين حرية التعبير والمعادين لها.
مبادرة لإعادة طبع الرواية
مبادرة جريئة تقوم بها دار ميريت للنشر حيث اكد محمد هاشم مدير
الدار فى اجتماع المثقفين المصريين باتيليه القاهرة الاسبوع الماضى انه سيطرح خلال
يومين طبعة جديدة من رواية "وليمة لاعشاب البحر" لحيدر حيدر فى محاولة
لتحدى الخطاب الرجعى.
وحيدر يرفض
وفى اتصال هاتفى مع اخبار الادب قال الروائى حيدر حيدر انه
يشكر محمد هاشم على مبادرته لكنه يرفض إعادة طبع الرواية فى مصر فى هذه الظروف
التى لا تخدم قضية الادب لانه من الواضح ان المتطرفين يتخذون من الهجوم على
الرواية ذريعة لتحقيق اهداف اخرى.
ثلاث دعاوى قضائية ضد عباس
قرر كل من الروائى ابراهيم اصلان والقاضى حمدى ابو جليل
والشاعر محمد كشيك إقامة ثلاث دعاوى قضائية ضد محمد عباس بسبب القذف والسب
والتحريض على قتلهم فى مقالاته المنشورة بالشعب.
وفى اليمن الرازحى أيضا
طالب الاديب اليمنى عبد الكريم الرازحى للجوء الى هولندا بعد
ان خطب البعض ضده فى مساجد عدن واصحبحت حياته مهددة قال الرازى للاذاعة البريطانية
ان الخطر يهدد حياته بالفعل خاصة انه لا توجد قبيلة تحميه ولا ينتمى الى جماعة ذات
عصبية الرازحى فاز مؤخرا بجائزة مؤسسة السعيد اليمنية.
نقطة عبور .. جمال الغيطانى .. يا للعار
هكذا اتت حملة جريدة الشعب ثمارها وهذا هو الهدف الحقيقى من
حملة التحريض الفاشية المستمرة ضد الأدب والأدباء والتى لم تعد تقتصر على رواية
حيدر حيدر فقط انما فى كل عدد تطالعنا قراءات مغرضة لدواوين شعرية ولنصوص معروفة
ذائعة مثل رواية "موسم الهجرة الى الشمال" للطيب صالح.
الثمار التى استهدفتها جريدة الشعب تمثلت فى احداث العنف التى
اندلعت فى جامعة الازهر مصابون وجرحى وقتلى وتهديد للآمنين وترويع للكافة وتهديد
للسلام الاجتماعى الاف الشباب الذين استفزته الحملة التحريضية للجريدة التى تستثير
المشاعر الدينية للمؤمنين وتحرض علنا على القتل وسفك الدماء والشباب معذور فندما
يقرأ مثل هذه العناوين والمقالات النارية التى فاقت فى حدتها المنشورات السرية
لاشد التنظيمات تطرفا يندفع ببراءة الى ممارسة العنف الى جانب ان هذا الاندفاع
تسهم فيه عوامل اخرى عديدة ، منها الاحباط وغموض المستقبل والفقر وهذه عوامل ليست
غائبة عن مخططى الحملة الفاشية والتى تتخذ الادب هدفا ظاهرا لها بينما العملية فى
جوهرها سياسية بتحتة لفئة تسعى الى اهداف دنيوية محددة من المؤسف ان نذكر بحقائق
بديهية وهى رفض اى عمل يستهدف إثارة الفتنة وهنا أشير الى وضع قانونى فى اشد دول
العالم ديمقراطية فى فرنسا وفى إنجلترا اذا ما تعرض كاتب لجنس شخص ما او لونه او
دينه يحاكم ويسجن فورا بل ان القانون صارم فى التعامل مع اى قول شفاهى فيه رائحة
العنصرية فاذا ما تعامل بائع ابيض او اسود مع شخص من جنس اخر واشار الى ما يمس
لونه او عقيدته دخل السجن على الفور وبحكم صارم فما البال بمن يحرص على قتل البشر
ويصيح فى عنوان صحيفة سيارة "من يبايعنى على الموت"؟ وينشر اسماء وهواتف
اناس محددين هذا فعل لايمت الى اى نوع من الحرية او الصحافة انه الارهاب بعينه ومن
هنا نرى فى هذه الحملة الفاشية البشعة التى تقودها جريدة الشعب ارهابا علنيا ليس للمثقفين
فقط انما للمجتمع كله وهذا ما يجعل التصدى لها على كل المستويات فرض عين على كل
انسان ما زال يحكم عقله ويحرص على سلامة الوطن.
طبعا هناك اثار بعيدة المدى لتلك الحملة الفاشية الارهابية،
وتتمثل فى زرع الخوف والرعب فى نفوس الادباء والمثقفين ماذا يمكن ان نفعله فى
مواجهة التحريض العلنى على القتل تحريض يقوم به ادباء فاشلون يتسترون باسم الين فى
كل اسبوع تضع جريدة الارهاب العلنى ديوان شعر فى قفص اتهام او رواية، بينما
الاخطار تحدق بالمسلمين وطائرات إسرائيل تقصف لبنان وتدمر بنيته التحتية ولكن من
وجهة نظر القائمين على الجريدة والمخططين للحملة يكمن الخطر كله فى سطر ورد برواية
لم يقرأه الا عشرات او قصيدة لشاعر لم يسمع به احد. تصيد وتربص وترويع يبث سموما
فى المناخ العام تتلوه بيانات متشددة تتحدث عن حرق الكتب ومحاكمة الادباء وهذه
صيحات اختفت من قاموس العالم منذ صعود هتلر الى السلطة عام ثلاثة وثلاثين واشعاله
الحريق الهائل فى الكتب فى ميونيخ ذلك الحريق الذى اصبح عارا فى جبين الانسانية،
الان تنطلق من مصر وباسم اللجنة الدينية بمجلس الشعب دعوى لحرق الكتب.
لا يا سادة، الحديث عن حرق الكتب لا محل له فى عالمنا الان هل
نحرق شبكة الاتصالات الدولية هل نحرق الفضائيات؟
المواجهة الحقيقية تكون بالفكر بالابداع الاصيل بمزيد من
الحرية الواعية بتنقية المناخ من سموم الارهاب وكل ما يؤدى الى ارتعاش القلم فى
ايدى المبدعين او ارتجافهم خوفا.
تشن الجريدة حملة ارهاب ضد كتب المشروع القومى للترجمة الذى
يصدره المجلس الاعلى للثقافة ولن نؤكد مرة اخرى اهمية المشروع الذى يعتبر من افضل
انجازات العمل الثقافى الحالى، ولكن تستوقفنا المفارقة فمجدى حسين المحبوس حاليا
بحكم قضائى والذى نطالب كصحفيين بالإفراج عنه ووقف عقوبة الحبس ضد ابناء المهنة
ونشارك فى مؤتمرات تسعى لاطلاق سراحه. مجدى حسين نفسه يكتب مهاجما ترجمة كتب
المشروع ويركز على تقرير منظمة اليونسكو هل الدفاع عن الدين كما يدعون يعنى محاربة
الترجمة؟ اليست الترجمة تبصيرا بما يقوله الاخر عنا؟ وهل وقف كتاب يعنى وقف تأثيره
الم نتعلم من التاريخ ان اى نص تتم مصادرته يشيع اكثر ؟
بدلا من المطالبة بترجمة المزيد من الكتب ترتفع صيحة فى بيان
صادر عن مجلس الشعب تطالب بحرق الكتب من مصر الحضارة والثقافة. يا للعار
الى اين ستنتهى الضجة المثارة حول رواية حيدر حيدر "وليمة
لأعشاب البحر" لا يستطيع أحد ان يخمن الإجابة خاصة فى ظل سحابات الدخان التى
اشتعلت فى كل مكان تحجب الرؤية وتحول المجتمع الى ساحة من الفوضى والغوغائية
وانتشر عشاق رائحة الدم فى لحظة غريبة وموجعة.
والغريب انه بدلا من محاكمة المحرضين على قتل الادب والمثقفين
يتم تحويل المسئولين عن سلسة آفاق الكتابة الى التحقيق والرواية نفسها الى لجنة
نقدية من اختراع الوزير تحقق فى اجتراء الرواية على الاسلام.
اى ان الادب هنا اصبح هو الضحية الوحيدة او "الحيطة
المايلة" كما تقول التعبيرات الشعبية التى يثبت الجميع عليها انها فى القطيع
وضمن الكتلة العمياء.
نحن هنا نعلن انحيازنا للأدب وللثقافة باعتبارها مجالات
للحقيقة النسبية لا يصح استخدام "مساطر" سياسية او عقائدية فى التعامل
معها.
وانحيازنا للرواية ودفاعنا عن حق الاديب فى كتابة حرة لا
يرهبها اصحاب النظرة المحدودة ومحترفو الانتهازية السياسية.
ولا يعنى هذا اطلاقا الا احترامنا للعقائد والمشاعر الدينية
ورفضنا للتعدى عليها بنفس القوة التى نرفض فيها التعدى على حرية الابداع. انها
قضية واضحة حرية الابداع فى مواجهة عشاق الابتزاز السياسى الذين يلعبون باسم
المشاعر المقدسة فى ملعب السياسة ونحن هنا لا نبرز ولا ندافع عن نية الرواية
ومؤلفها بل نرفض الاتهام من الاساس ونعيد القضية برمتها الى مجالها الصحيح وهو
الادب (ننشر المقالات النقدية التى تابعت الرواية وقت صدورها وبأقلام مجموعة
متميزة من النقاد الادبيين)
ولا نقبل اخيرا الا بالابتعاد عن استخدام (الادب) فى لعبة
سياسية مفضوحة
حيدر حيدر إلى أخبار الأدب
لا لمحاكم التفتيش
فى القرن الواحد والعشرين
حين هبط ثوار حرب التحرير الجزائرية من الجبال المصبوغة بالدم
كانوا يهللون بتكبيرات عصور الفتح الاولى كل مجاهد علق على صدره قرآنا عربيا كان
بمثابة الرقية ضد رصاص المستعمر الصليبى.
هذه الفقرة ترد فى رواية "وليمة لأعشاب البحر" فى
الصفحة 503.
هذا الاستشهاد من النص الروائى وما سيليه من فقرات اخرى ليس
دفاعا ضد الافتراء والاجتزاء والتهويل والتأويل والإثارة الغوغائية بل هو تقرير
لاقتناع تاريخى يسجله النص دونما تحريف او إثارة او إعلان موقف درامى مؤثر.
هو ببساطة وعفوية رمز حقيقى وتاريخى ينبع من جذور التراث
العربى الاسلامى حين يواجهه الغزاة والمستعمرين وهذا الرمز المجاز متاصل فى جوهر
الروح التاريخية للوعى العربى-الاسلامى ابان المحن التى تهدد الهوية القومية وتنذر
بالمحو والانقراض وهذا الموقف اساسى وجوهرى فى قناعاتى الذاتية حين واجه أبو ذر
الغفارى يهوديا مستترا بالاسلام لعله عبد الله بن سبا او احد اتباعه وهو يلبس قناع
الدين متهما الصحابى الكبير بنقص بدينه صاح فى وجهه اتعلمنا ديننا يا ابن
اليهودية؟
وانا لا اريد اتهام الشهم الاسلامى محمد عباس بالعبارة اياها
لكننى اساله من نصبك قيما ومحاميا وقاضيا للاسلام ؟ وكيف تبيح لنفسك إقامة محكمة
تدعو من خلالها المسلمين لاقامة الحد على مسلم حر له اجتهاداته واراؤه فى تراثه
المطروح فى حقل الجدل منذ المعتزلة حتى اليوم؟
هل ينبغى العودة الى النصوص. الى من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر
والله يهدى من يشاء الى حرية الاسلام الاول الذى اورد مطاعن الكافرين ضد النبى
الذى وصفوه بانه شاعر ومجنون كما جاء فى الاية القرآنية "ان هى إلا اساطير
الاولين" الى اخر الاية الآيات التى اثبتت اقوال المشركين ضد النبى والدين
أيكون الطبيب محمد عباس الغيور على اسلام محمد اكثر غيرة على الاسلام ومزاودا على
ديمقراطية النبى الذى ارتضى الجدال بسماحته العظيمة قبل اكثر من الف واربعمائة
عام.
نحن نعرف ديننا وتراثنا نعرف تاريخنا واسلافنا ولسنا بحاجة الى
فقهاء ومتعصبين ودعاة يرشدوننا الى الصراط لكنا نعرف فى الان ذاته مواطن الخلل
والتأويل الجاهلى وكهوف الظلام التى يستودعة فيها الاسلام السياسى المغلق
والاحتكارى لفئة تتاجر بالاسلام وترشق التهم لمن لا ينتمى لقبيلتها العصبية.
بإمكان هذا الذى يثير الضجيج فى مصر الان ضد روايتى
"وليمة لأعشاب البحر" ان يستنفر الغوغاء والعصابيين الذين شوهوا مصر
العربية ومصر الحضارة ومصر الثقافة التنويرية كما بإمكانه من خلال اجتزاء مقاطع
مفصولة من سياقها إثارة زوبعة تلفيقية وهياج لا عقلانى باسم الدين والغيرة على
الرسول والقرآن لكنه يحايد عن الفقرات التى تقول "لقد قرأتم ماركس ولينين
وانجلز واستكنتم بحملون كلماتهم كالمقلاع وترشقون بها وهكذا تعتقدون انكم محصنون
وضد المباغتة انما اترون جيدا وصوابا كيف
يتشكل العربى الجديد فى العصر الراهن ذلك القديم كان مبلورا ومحصنا ومنيعا
بالاسلام محمد القرن العشرين هذا ما نحتاجه فى هذا العصر المضطرب.
هذا ما تقوله رواية .. وليمة لأعشاب البحر فى الصفحة 87 وهذا
القول الفصل يغض الطرف عنه حامى حمى الاسلام ومحتكره كما يحايد عما جاء فى الصفحة
613-614 من الرواية، وما فيها من اصوات دينية ، ترتفع كدعاء وتسبيح للبارى والرسول
والمولى : يا ربنا ومنشئنا وفانينا فاطر السماوات والارض وما بينهما رب الاولين
والآخرين. رب البشر والشجر والحيوان والماء والصخر والسحاب والطير اجمعين. انقذنا
فى هذا الزمان الخطير. يا من تقبض على الرعد والصواعق وموازين العدل ويا من تعرف
ما فى ارحام الامهات وفى اى ارض كل نفس ستموت" الى اخر الفقرات.
هذا الاستشراف التنويرى لا يراه جلاد العصور المظلمة وهو
يستعدى قبيلته الثارية تحت الراية السوداء.
انا لا ادافع عن نفسى ولا عن روايتى بقدر ما أسجل الحقيقة
والحقيقة وحدها هى المقدسة والحقيقة وحدها بما هى افق المستقبل والحاضرة القادمة
تدافع عن ذاتها فى أعماق القراء والمتلقين والمثقفين العرب الذين احتفوا بالرواية
ورأوا فيها فضيحة وتشريحا للظلام والاستبداد العربى، والعلاقات المزيفة والتلفيق
التاريخى.
ان عصور التنوير تتقدم رغم الظلمات المحيطة بزماننا العربى
ودعاته اللاعقلانيين وفى هذه البرهة الحرجة تنتصب قامات المثقفين التنويريين
والعقلانيين صارخة ولو تحت مقاصل القتل والاعدام لا لمحاكم التفتيش فى القرن
الواحد والعشرين لا للظلامية المستترة والهائجة تحت عباءة الدين المزيف لا للقتل
الغريزى فى جزائر المليون شهيد ومصر العظيمة والمشعة بطه حسين وعلى عبد الرازق
ونجيب محفوظ ونصر حامد ابو زيد وفرج فودة وسائر المثقفين الديمقراطيين الذين
يرفعون راية الحرية والتنوير عالية فى مصر العربية.
فى دعوة المهووس محمد عباس "لا اله الا الله من يبايعنى
على الموت" وعبر شتيمته ونعنى "بالفاجر الفاسق الكافر ابن الكافر"
لم يرهبنى ويقلل عزيمتى لكننى تساءلت بهدوء "هل يبيح الاسلام هذا الانحطاط
والتسفيل الأخلاقى" الاسلام الذى دعا الى الامر بالمعروف والنهى عن المنكر.
اننى اقول ما قاله الرسول محمد صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر
لقومى فإنهم لا يعلمون لا اقولها من موقف الضعف انما من موقف التسامح والقوة فى آن
.
ان بإمكانى توجيه مالا يحصى من الشتائم للفقيه الجاهل المدعو
محمد عباس المحرض لكن ثقافتى وذوقى الحضارى ومعرفتى العميقة بروح الاسلام الرسولى
تأبى ذلك.
ارفع قبضتى عالية حتى حدود السماء تحية لشعب مصر ومثقفى مصر
العربية الذين ازرونى فى هذا المضيق الذى باغتنى فى استراحة البحر الخادعة.
حيدر حيدر
بيان مجمع البحوث الإسلامية
حول رواية "وليمة لأعشاب
البحر"
وردت هذه الرواية الى مجمع البحوث الإسلامية من مباحث امن
الدولة بتاريخ 6/5/2000 لبيان ما بها من مخالفات شرعية وابداء الراى نحوها.
كما ورد كتاب من السيد الاستاذ الدكتور رئيس مجلس الشعب بهذا
المعنى بتاريخ 13/5/2000.
وقد تم عرض الموضوع على لجنة البحوث الفقيه فكلفت اثنين من
اعضائها المتخصصين بكتابة تقريرين منفصلين عن الرواية لعرضها فى جلسة استثنائية
لمجمع البحوث الاسلامية حدد لها يوم الاربعاء 17 مايو سنة 2000 وقد تم عرض هذين
التقريرين والرواية على المجمع فى جلسته الاستثنائية وتبين ما يأتى ..
أولا : ان وزارة الثقافة التى نشرت هذه الرواية لم تستطلع رأى
الازهر الشريف او البحوث الاسلامية ما ورد فيها من امور كثيرة تتصل بالاسلام
والعقيدة والشريعة وذلك على خلاف ما يقضى به القانون 103 لسنة 1961 بشان إعادة
تنظيم الازهر والهيئات التى يشملها ولائحته التنفيذية والقوانين والمتصلة بحماية
حق المؤلف وتنظيم وزارة الثقافة مما قطعت فيه الجمعية العمومية لقسمى الفتوى
والتشريع بمجلس الدولة بفتواها الصادرة بجلسة 2 فبراير سنة 1994 (ملف رقم 58/1-66)
من ان الازهر الشريف هو وحده صاحب الرأى الملزم لوزارة الثقافة فى تقدير الشأن
الاسلامى للترخيص او رفض الترخيص بالمصنفات وأن شيخ الازهر ومجمع البحوث الإسلامية
وما يتبعه من ادارات هو صاحب الولاية فى فحص المؤلفات والمصنفات التى تتعرض
للإسلام لإبداء الرأى فيها.
ثانيا : ان الرواية مليئة بالالفاظ والعبارات التى تحقر وتهين
جميع المقدسات الدينية بما فى ذلك ذات الله سبحانه تعالى والرسول – صلى الله عليه وسلم – والقرآن الكريم واليوم الاخر والقيم
الدينية.
ومن ذلك انها تستهزئ بذات الله مثل وصفه بانه "فنان
فاشل" ص 319 وانه نسى بعض مخلوقاته من تراكم مشاغله التى لا تحد فى بلاد
العرب (ص 35) وانه اقام مملكته الوهمية فى فراغ السماوات ليدخل خلود ذاته بذاته
(426)
كما يفترى على الرسول عليه الصلاة والسلام بانه تزوج لاكثر من
عشرين ما بين شرعية وخليلة، ومتعة (148) وانه كان يتزوج من القبائل بغية توحيدها
(ص426, 427)
وانه حرف فى آيات القرآن الكريم ونسب اليه ما ليس سنة كقوله
"والله قال فى كتابه العزيز "إذا بليتم بالمعاصى فاستتروا" ص 1478
كما ان الرواية تحرض على الخروج عن الشريعة الإسلامية وعدم
التمسك باحكامها وذلك بالدعوة الى ضرورة الانفصال عن الدين والله والاخلاق
والتقاليد والازمنة الموحلة والجنة الجحيم. الخرافيين وطاعة اولى الامر والوالدين
والزواج المبارك بالشرع وسائر الاكاذيب والطقوس اى رسمتها دهور الكذب (ص348).
ثالثا : ان الرواية خرجت عن الآداب العامة خروجا فادحا وذلك
بالدعوة الى الجنس غير المشروع واستعمال الالفاظ فى الوقاع واعضائه الجنسية للذكر
والانثى بلا حياء مما يعف اللسان عن ذكرها وكتابة نصها حفاظها على الحياء العام
الذى انتهكته الرواية.
رابعا : ان الرواية لم تكتف بذلك بل حرضت صراحة على اهانة جميع
الحكام العرب ووصفتهم باقبح واقذع الاوصاف مما يعف المقام عن ذكرها، وطالب بالخروج
عليهم والثورة ولو بإراقة الدماء.
خامسا : اتضح لمجمع البحوث الإسلامية من كل ما سبق ان ما ورد
برواية وليمة لأعشاب البحر لمؤلفها حيدر حيدر خروج عن ما هو معلوم من الدين
بالضرورة وينتهك المقدسات الدينية والشرائع السماوية والآداب العامة، والقيم
القومية ويثير الفتن ويزعزع تماسك وحدة الامة التى هى الركيزة الاساسية لبناء
الدولة ويضع على عاتق من نشر هذه الرواية دون استطلاع رأى اهل الاختصاص المسئولية
الكاملة عن هذا التجاوز والآثار المترتبة عليه دينيا واجتماعيا وذلك على النحو
الموضح تفصيلا بالتقريرين المقدمين من عضوى مجمع البحوث الاسلامية المشار إليهما.
والله ولى التوفيق
شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوى
تحريرا فى 13 من صفر سنة 1421هـ
الموافق 17 من مايو سنة 2000
تعليق
إذن .. صادروا الأدب العربى كله
رأى الأزهر استشارى ويقتصر على المصنفات
السمعية والبصرية
احترامنا للازهر كمؤسسة تاريخية تحمى الاسلام وتعالميه وتنشر
العلم كمنارة ساطعة اضفت لمصر قيمة استثنائية تارخيا ومكانيا ليس فى حاجة الى
توضيح او تبرير ومن الطبيعى ان يتضمن التقرير الصادر عن الامام الاكبر ما جاء فيه
والحقيقة انه ليس مفاجئا لكن هذه اللحظات الحاسمة لا بد من التأكيد على حقائق
بديهية.
اولا : تقييم الاعمال الادبية يجب ان يتم من خلال منهج ادبى
ورؤية نقديه وليس من خلال مؤسسات سياسية او دينية هذه حقيقة اذا ضلت عنا الان فسوف
نفقد كل ما يتصل بالادب والثقافة .
ثانيا : لا يجوز قراءة جزء من الرواية منفصلا عن السياق العام
لاى نص كان ادبيا او علميا او حتى خطابا سياسيا انما يجب ان يؤخذ العمل ككل بما فى
ذلك رؤية الكاتب المتضمنة ونلاحظ ان تقرير العضوين المشار إليه متأثر برؤية جريدة
الشعب التحريضية.
ثالثا : ننبه الى العواقب بعيدة المدى لهذا المنهج فى التعامل
مع الابداع الادبى والذى سيؤدى الى نتائج سلبية جسيمة ستعانى منها حياتنا الثقافية
والفكرية.
رابعا : اذا طبقت المعاييرالتى وردت فى التقرير على النصوص
الادبية القديمة والحديثة فسوف تؤدى الى مصادرة الأدب العربى كله لان اى نص ادبى
يتم التعامل معه من خلال رؤية دينية او سياسية يمكن تاويله فى اىة وجهة.
واذا كنا ننبه الى خطورة الاجتزاء فى قراءة النصوص الادبية فمن
باب اولى ان نذكر بخطورة الاجتزاء فى قراءة نصوص القانون التى استند اليها
التقرير.
اولا : القانون 103 لسنة 1961 المشار اليه تحدد المادة 14 منه
واجبات مجمع البحوث الاسلامية وهى تحديدا تتبع ما ينشر عن الاسلام والتراث
الاسلامى من بحوث ودراسات فى الداخل والخارج بما فيها من راى صحيح او مواجهتها
بالتصحيح والرد.
ومن السياق يتضح دور المجمع الذى يتعلق بالكتب الدينية فقط
ويقتصر على التوضيح والرد وهو ما تزيد المادة 15 من توضحيه وتؤكد على ان من مهام
المجمع هو الدعوى الى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
ثانيا : فتوى مجلس الدولة المشار اليها بالتقرير خاصة
بالمصنفات السمعية والسمعية البصرية فقط وليس الكتب وجاء فى الفتوى بالنص
"انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة الى ان الازهر
الشريف هو وحدة صاحب الرأى الملزم لوزارة الثقافة فى تقدير الشأن الاسلامى للترخيص
او رفض الترخيص للمصنفات السمعية والسمعية البصرية. اضافة الى ان هذه الفتوى غير
ملزمة حتى فى حالات المصنفات السمعية والسمعية البصرية لانها ليست حكما قضائيا.
ثالثا : ما يحكم نشر الكتب فى مصر هو قانون المطبوعات رقم 20
لسنة 1936 وليس فيه اية اشارة للازهر ولا يتطلب نشر الكتب حسب القانون للحصول على
ترخيص اية جهة كانت كما ان المادة 47 من الدستور تحمى حرية التعبير.
ليس امامنا الا ان نضع هذه الحقائق امام الراى العام ونحن فى
مفترق طرق سيتحدد خلاله مصير الثقافة العربية بأكملها.
أخبار الادب
نقطة عبور .. جمال الغيطانى .. أصداء فى تورينو
بعد ظهر الجمعة الثانى عشر من مايو مررت فى طريقى الى المطار
بجامعة الأزهر، كان الطلبة يتجمعون فى حلقات داخل فناء المدينة الجامعية الابواب
مفتوحة وثمة من يخطب فى مكبرات الصوت على الناحية الاخرى من الطريق جلس ضباط وجنود
شرطة يتحدثون ايضا مع بعض الطلبة والاهالى من سكان المنطقة السابعة بمدينة نصر.
لارتباط سابق كنت مضطرا الى السفر لمد ثمانية ايام الى مدينة
تورينو الإيطالية حيث يقام ثانى اهم معرض للكتاب فى العالم من ناحية الاهمية
والحجم بعد معرض فرانكفورت وفى هذا العام جرى التركيز خاص على الادب العربى يستضيف
المعرض اكثر من مائة وخمسين كاتبا من الصين شرقا الى شيلى فى اقصى الغرب ومن
الكتاب العرب وجهت الدعوى الى ادونيس والروائية اللبنانية هدى بركات وبعض الادباء
العرب المقيمين فى اوروبا بعضهم نعرفه ومعظمهم غير معروفين فى العالم العربى ومنهم
ابناء الجيل الثانى للمهاجرين العرب فى اوروبا وهو يكتبون بلغات البلاد التى
يعيشون فيها على سبيل المثال اشترك معنا كاتب مغربى الاصل يكتب بالهولندية واعماله
مترجمة الى الإيطالية اسمه عبد القادر بن عالى.
الملاحظات على معرض تورينو عديدة خاصة حول الحضور العربى ذى
المستويات المختلفة وهذا الحضور فى ايطاليا ضعيف جدا وان كان الوضع الان افضل
نسبيا من عشرين سنة مضت والكاتب العربى الذى حقق شهرة واسعة هو نجيب محفوظ يليه
مباشرة الطاهر بن جلون ظهر الاحد الرابع عشر من مايو كان موعد الندوة التى اشارك
فيها وكان موضوعها العزلة والادب على المنصة مستعربة ايطالية كبيرة هى ايزابيلا
كامارا ودفيللتوا استاذة كرسى الادب العربى فى جامعة نابولى، وهى واحدة من الذين
بذلو جهدا مضنيا للتعريف بأدبنا عبر ثلاثين سنة متصلة من لبنان هدى بركات الروائية
المرموقة الاديب المغربى عبد القادر بن عالى الذى يكتب بالهولندية مكان الندوة فى
المقهى الادبى مكان فسيح معد فى قلب المعرض المغطى والمقام على مساحة هائلة فى
سراى ضخمة كانت فى الأصل جزءا من مصانع فيات فى بداية القرن الماضى ثم جرى
استغلالها فى أغراض اخرى "فندق مجمع تجارى – معرض" بعد انتقال المصانع الى موقع اخر
جمهور كثيف ما بين جالس وواقف كانت اعلم ان مظاهرات الطلبة قد احدثت ردود فعل
سريعة فى الاعلام الغربى وان جريدة لومند المعنية بالحرية قد نشرت خبرا وتقريرا عن
استجواب الروائى ابراهيم اصلان والاديب حمدى ابو جليل وتناول تفاصيل ما جرى وتوقعت
ان يوجه الينا سؤال حول الموضوع ولكننى لم اتصور قط ان معظم اولئك الحاضرين قد
جاءوا خصيصا وانهم فى مجملهم ممثلون لأهم الصحف الإيطالية ومحطات التليفويون
والإذاعة.
تحدثت الروائية هدى بركات عن عزلة الكاتب وإيثارها هى شخصيا
للعزلة وحرصها على الابتعاد عن المواقف الجماعية خاصة بعد تجربة الحرب الأهلية
اللبنانية لكنها قالت ان الكاتب لا يستطيع ان يكون ممارسا لترف العزلة وثمة زملاء
له مهددون بالقتل ويتم التحريض ضدهم علنا وذكرت الأسماء التى هاجمتها الجريدة
الإرهابية المصرية "الشعب".
هنا تحول مسار الندوى اصبح ما جرى فى مصر هو الموضوع الرئيسى
وجدت نفسى اواجه التأثير الفادح للموقف الإرهابى الإجرامى الذى مارسته جريدة الشعب
والضرر الفادح الذى الحقته بسمعة الاسلام والثقافة المصرية.
وجه الصحفيون اسئلة عديدة حول موقف الاسلام من الابداع وعن
تاثير هذه الهجمة الارهابية على حرية الادباء والمبدعين وعرضت بامانة شديدة لوقائع
الاحداث التى جرت فى مصر منذ ان بدأت جريدة الارهاب التحريض على تصفية المثقفين
وحرصت على تأكيد عدة نقاط.
لا علاقة حقيقية بين الإسلام كدين وبين هذه المجموعة المحدودة
التى سيطرت بليل على حزب علنى وتحدثت طويلا عن سماحة الاسلام وازدهار الادب فى
العصور التى تلت نزول الرسالة واكدت ان هذه المجموعة تهاجم رواية محددة لاهداف
سياسية ولتحقيق اغراض قصيرة المدى من اجل الانتخابات البرلمانية.
نفيت بشدة اى محاولة للتشبيه بين مصر الحزائر واكدت ان فى مصر
دولة قوية استطاعت كسر شوكة الجماعات المتطرفة وان ما يجرى الان ضجيج من مجموعة
محدودة مشكوك فى مصداقيتها تحاول استثارة الناس من خلال مشاعرهم الدينية العميقة.
قامت من بين الحاضرين ايطالية من اصل مصرى تتحدث العربية
وفوجئت بها ترفع نسخة من اخبار الادب العدد 356 وتشير الى التوقيعات المنشورة على
الغلاف وتقول انها قرأت الجريدة من الغلاف الى الغلاف وان المقالات المنشورة فيها
تعكس موقفا قويا للمثقفين المصريين وشجاعا فى مواجهة الارهاب واكدت تسامح الاسلام
والمسلمين تجاه الثقافة والابداع فى مصر التى ولدت وعاشت بها وان كان هذا لا يمنع
ظهور بعض المجانين مثل الذين حرضوا على قتل محفوظ ويحرضون الان على قتل الادباء.
توقفت طويلا عند رأى خطير افضت به الى الادبية هدى بركات بعد
انتهاء الندوة قالت انهم فى الغرب يتأثرون بمثل هذه الحملات المغرضة واخطر ما فى
الامر انهم يضعون فى الاعتبار تاثيرها السلبى على حرية المبدعين وبالتالى ينظرون
الى ادبنا على انه مقموع نتيجة لعوامل الارهاب والرقابة التى يتعرض لها المبدعون
والتالى لا يتعاملون معه على انه ادب حقيقى يعبر عن الحياة بل يرون فيه ادبا ناقصا
محاصرا.
تذكرت ما يثار فى مصر حول تحويل الروايات والقصص الى الازهر
ليبدى رأية فيها وخطورة ذلك فالادب يجب ان يعامل من منظور ادبى من خلال مؤسسات
سياسية او دينية وهذا جانب خطير سنتناوله بالتفصيل.
تذكرت الطلبة الذين مررت بهم عند سفرى واشفقت عليهم تذكرت
اولئك المحرضين الذى يتسترون بالدين وقلت عند مغادرتى المعرض إثر المناقشة الساخنة
اه لو يعلمون اى جرم ارتكبوا فى حق الاسلام.
البيان التالى يأتى ضمن وثائق وليمة
لأعشاب البحر
بيان من المثقفين المشاركين فى ندوة
الثقافة الجديدة
دفاعا عن حرية التعبير وادانة حملة
تكفير الروائى حيدر حيدر
نحن الموقعون ادناة المشاركون فى ندوة مجلة "الثقافة
الجديدة" حول "الاسلام السياسى والدولة" التى عقدت فى مدينة
روتردام فى هولندا بتاريخ 3 يونيو / حزيران 2000 نلاحظ بقلق الاضطهاد الذى يتعرض
له بعض العاملين فى الميادين الاكاديمية والثقافية والفنية فى الاقطار العربية
بسبب بحوث ينجزونها أو اعمال ابداعية يكتبونها أو اعمال فنية يؤدونها والذريعة
دائما ذاتها : الاساءة للدين والدعوة للكفر وخرق المحرمات الاخلاقية وكان آخرها
حملة تكفير الروائى السورى حيدر حيدر بعد اصدار روايته "وليمة لأعشاب
البحر"
ومن المؤسف أن يصدر احيانا التحريض ضد هؤلاء المثقفين من قبل
بعض القوى والحركات والشخصيات الاسلامية التى تتعرض لسجن وتشريد واضطهاد بسبب
مواقفها السياسية.
أن الديمقراطية مسألة لا يمكن تجزئتها وغيابها فى بلداننا يلحق
الظلم بكل من يحاول التعبير بحرية عن افكاره وارائه ومواقفة.
اننا اذ نطالب بسيادة دولة القانون وترسيخ روح التسامح ونشجب
كل انواع الممارسات التعسفية فاننا ندين الممارسات الظالمة والتشهيرية بحق
المثقفين فى كل البلدان العربية بسبب آرائهم الشخصية واجتهاداتهم العلمية
وابداعاتهم الفنية.
الموقعون :-
د. نصر حامد ابو زيد "كاتب واستاذ جامعى"
د. واسينى الاعرج "كانت واستاذ جامعى"
ياسين النصير "كاتب وناقد ادبى"
د. فالح مهدى "كاتب وباحث"
د. حسين كركوش "ناقد ادبى"
د. حسين عبد على "استاذ جامعى"
هادى محمود "صحفى وعضو مجلس تحرير مجلة الثقافة الجديدة
رائد فهمى "رئيس تحرير مجلة الثقافة الجديدة"
جواد الاسدى "مخرج سينمائى"
د. على ابراهيم "ناقد"
قاسم الساعدى "فنان تشكيلى"
د. وثاب السعدى "قانونى – رئيس المنتدى العراقى فى فرنسا"
عبد السلام حسن عبد السلام "حقوقى الرئيس السابق لجمعية
حقوق الانسان فى السوادن –
فرع بريطانيا"
طه رشيد "مسرحى"
ليست هناك تعليقات